(صدق أو لا تصدق … أنت حر)

كلما حاولت تصديق التطمينات العمومية عن الاحوال الاستثمارية المالية، بعدما حصل ويحصل في الاسواق العالمية، تذكرت تطمينات سابقة مماثلة. جميع المتابعين يعلمون النتائج وربما اكثرهم اكتووا من نارها، بل إن كل من صدقها وقع الفأس على أم رأسه ولم يسمِّ عليه احد.
كانت بعض المطبوعات في السابق تضع زاوية تحت عنوان «صدق او لا تصدق» على وزن «يعجبني ولا يعجبني»، تنشر فيها أخباراً عن الغرائب والعجائب التي تقول إنها موجودة في بقعة من العالم تكون «بالصدف المتكررة»! بعيدة جداً عن القارئ.
 الخبر في الغالب مصحوب برسم توضيحي بخط اليد، مثل طائر له ثلاثة اجنحة ومنقاران، واحد في الامام والثاني خلف رأسه، يعيش من اكل الديدان الفسفورية، ويوجد فقط في إحدى الجزر الاندونيسية، والقارئ حر في التصديق او عدمه… بل «عمره إن شاء الله ما صدق»، إذا لم يصدق فعليه البحث في تلك الجزيرة! أو قلب الصفحة الأخيرة أسهل، ثم ما الذي يهم قارئاً من حقيقة مثل هذا الخبر، الذي سد فراغ الصفحة.
الرئيس الاميركي يقول ان اقتصاد بلاده في حال خطرة جداً، لاحظ «جداً» هنا مع رفض لخطة الانقاذ، ونحن ولله الحمد والمنة، كما قيل، خارج نطاق التأثر، اللهم إلا من التأثر غير المباشر، فتش هنا في تفاصيل غير المباشر، ولك أن تصدق أو لا تصدق.
كنت ممن كتب مطالباً بإنشاء هيئة استشارية مستقلة من ذوي الاختصاص والاحتراف والمهنية، ترتبط مباشرة بصاحب القرار، لا علاقة وظيفية لأفرادها بأية وظيفة عمومية في الحكومة او القطاع الخاص، حتى لا تتعثر في دهاليز البيروقراطية أو تقع تحت ضغوط مجاملاتية أو تعارض مصلحي، بشرط جوهري «ضع تحته خطاً احمر» ألا يوكل اختيار أعضاء هذه الهيئة المقترحة لنفس التنفيذيين في الفريق الاقتصادي الحالي، لنحصل على دماء جديدة بعيدة من المدرسة الحالية، ليس تشكيكاً في احد معاذ الله تعالى، بل حتى لا نستنسخ الثوب نفسه ونعيد ارتداءه، معتقدين أننا لبسنا ثوباً جديداً، الناس في العادة يختارون من محيطهم ومن يتفق معهم في التفكير واسلوب الادارة. أيضاً هذا المحيط مهما بلغ اتساعه يظل محدوداً، ذلك حتى يتاح لنا الكشف بكل حيادية وشفافية عن مكامن الضعف والمخاطر، التي قد يواجهها الاقتصاد الوطني… تخيل لو كانت لدينا مثل هذه الهيئة تفكر في البعيد وتزن الامور باستقلال عن الجهات المشغولة بألف مسؤولية واجتماع، لتضع خبراتها ورأيها امام صاحب القرار، تسنده وتعينه على فحص الامور والمستجدات… تخيل كيف سيكون واقعنا… أهو أفضل من الواقع الراهن ام لا؟

 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

رد واحد على (صدق أو لا تصدق … أنت حر)

  1. الاستاذ عبدالعزيز

    بصريح العبارة يسويها الكبار ويطيح فيها الصغار…. نبلعها يعني نبلعها… ولا حياة لمن تنادي

التعليقات مغلقة.