الخبز و الخباز

المثل الشعبي يقول: «خبز خبزتيه يا الرفلا… كوليه»، وله أصل في الفصحى، فالمرأة التي لا تحسن المشي في ثيابها يقال لها رفلاء، ومثلها التي لا تحسن خبز خبزها من هنا يطالبونها بأكله… بالهناء والعافية. وهذا من العدل بين الجنسين، ألم يقل: «جحا أولى بلحم ثوره»! مؤكداً أنه لم يخبزه بل ذبحه.
كان المثل الشعبي السابق بعد تحويره هو عنوان مقال أول من أمس عن قضية «القرض الحسن»، لكن أحد الإخوة في «الحياة» اجتهد فتحول العنوان إلى عجينة أضيفت إليها كمية خميرة أكبر من الحاجة… فظهر من الفرن خبز استعصى على المضغ، وكأن أحد الأصدقاء الآسيويين كتب العنوان، بل اني أول ما قرأته منشوراً تذكرت طريقة نطق الممرضات الآسيويات لأسماء المرضى في المستشفيات، وعلى قولة المثل الآخر… سمننا في دقيقنا.
هذا استدراك لا بد منه، للتوضيح، والخبز والخباز يقودنا إلى ما يطالب به الجميع وهو إجادة العمل وإتقانه، وهو ليس بالأمر الهين، فالأخطاء واردة ويقوم العمل الجماعي بالتقليل منها أو زيادتها بحسب مستوى التنسيق والتناغم، ومع أننا جميعاً نطالب بإتقان العمل إلا أن القليل منا يطالب بإتقان نقل الكلام والتحقق منه قبل تبنيه وإشاعته، ومن يكتب في الصحف يعرف هذه المشكلة أكثر من غيره، لأنه يستقبل «مثل دش متنقل» الكثير مما يقال ومن يقوله لا يتذكر أصله ولا يعلم صحته. وفي «الايميلات» شيء من المجالس فالمحرك واحد، تدور الأيام فتطفح على سطح الاهتمام قصة أو حادثة قديمة انتهت أو نفيت، لكن ناقلها أو المهتم بها لم يعد يتذكرها… ربما «فاتت عليه».
والايميلات الإلكترونية تطفح بالنقل، ووجد بعض المهتمين «بالقروبات» أي المجموعات البريدية، راحة في وضع عبارة «منقول»، لإبراء الذمة وأذكر أني كتبت مقالاً بهذا العنوان وقولهم «منقول» لا يكفي لحشرها في رأسك. والصديق الدكتور سعد الغامدي كتب مقالاً عن ضرورة التحقق قبل نقل الكلام والقصص، وأضيف لما ذكره التحقق من الايميلات المنقولة، وظهر لي انها سبب ما كتب، إذ انتشرت رسالة تخبر عن قصة إنشاء جامعة أميركية، يخبر الايميل المنقول عن محاولات زوجين بملابس بسيطة مقابلة مدير أكبر جامعة أميركية فلم يهتم بهما بسبب مشاغله كما أن مظهرهما البسيط لم يحفز السكرتيرة لتقديمهما على غيرهما فكان ذلك سبباً لإنشاء جامعة جديدة منافسة، والقصة مشكوك فيها، لكني رأيت في حبكتها زاوية مهمة مع أنها لا تبرر وضع القصة في ذلك القالب وهي ضرورة الاهتمام بحاجات الإنسان بعيداً عن هندامه ومدى أناقته أو ارتفاع ثمنه، لماذا؟ لأنه إنسان… ولكونه كذلك لا بد من التحري قبل اشغاله في أمر لم تتأكد منه… قم بدورك وتثبت.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على الخبز و الخباز

  1. سميرة زيدان كتب:

    الرسالة التي تخبرعن قصة إنشاء جامعة أميركية….. والقصة مشكوك فيها…
    الجامعة هي ستانفرد اسساها ليلارد و جين ستانفرد تخليدا لذكرى ابنهما. للتأكد من القصة راجع The Story of Stanford University على جوجل.
    إن التشكيك في صحة القصة يساوي عدم التحري من صحتها قبل نشرها. و إلا إيه يا أستاذ السويد؟

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    المشكلة لو تثبت الشخص يكررون عليك مصالح شخصية لاصحة لما نشر المهم النفي جاهز هذا ان فهمت فحوى المقال حسب تفكيري لكنني اجتهد استاذي الله ينور عليك دائما ..

  3. صلاح السعدي محمود كتب:

    حياك الله. أبو أحمد
    شكا مرة موظف بإحدى المؤسسات التجارية إلى مديرها من أنه أمضى عشرين عامآ في عمله منها أكتسب خلالها خبرة ، ومع ذلك تخطاه في الترقية من هم أحدث منه عهدآ من
    الموظفين فقال له المدير:
    “الواقع أن لك خبرة عام واحد ولكنها تكررت عشرين مرة ”
    هذا ينطبق علي صاحنا قالب دفة الإيميلات المنقولة…
    سلمت يمناك.أستاذي الغالي. إلى الأمام :

التعليقات مغلقة.