لا يكفي التوقيع على الاتفاقات الدولية وإعلان احترامها، بل لا بد من البحث عن البثور التي تشوّه صورة المجتمع، وتقدم للداخل والخارج أسوأ حملة دعائية سلبية. أصبح العالم متفقاً على قضية منع الإتجار بالبشر، وهناك اتفاقية دولية في هذا الخصوص، وتقارير دولية دورية عن حال الإتجار بالبشر تشمُّ من بعضها رائحة سياسية. لكن هذا لا يعفينا من البحث عن اي خلل وظواهر في بلادنا، بحثاً عن العدل، شرعياً وإنسانياً، لا تجملاً وتزيناً. ظواهر يمكن ان تصنف من الإتجار بعرق البشر واستغلال حاجاتهم.
قد تسمح إنجازات ومساعدات طبية وإنسانية وأعمال رائدة أخرى بوصف بلادنا بمملكة الانسانية، ولكن هل الصورة مكتملة؟ بل هل هي الصورة الوحيدة المعروضة في الساحة؟ لماذا لا نبحث عمن يشوه هذه الإنسانية ونضع قوانين وأنظمة تحميها وتطبقها إدارات تنفيذية نشطة لردع كل مستغل لمادة أو فقرة؟
لا يمكن فهم استمرار تأخر بعض الشركات في صرف رواتب عمال أو موظفين لأشهر، وصمْت جهات حكومية معنية برفع الظلم، ليس من خلال لجان طويلة الأجل، بل من خلال تطبيق العقود… أليست شريعة المتعاقدين؟
أجزم بأن كبار المسؤولين في البلاد لا يرضيهم هذا، لكنْ، هناك خلل في الإدارات التنفيذية والركون إلى مسكنات اللجان الطويلة الأجل.
قرأتُ عن عمالة تحاول مقاضاة شركة في جدة لم تسلمهم رواتبهم لعشرة أشــهر. الخـــبر ليـــس جـــديداً، تخيل عاملاً بسيطاً قد لا يعرف لغة البلد، براتب ضـــئيل وغُـــرْبة، ويحاول مقاضاة شركة عملاقة، مع شـــركة وسيطة جاءت به من بلاده لتشغيله، و «هبشت» المقسوم لتعطيه ظهرها لاحقاً. حتى شركات من الفئة المتوسطة تمارس هذا الظلم. وأصبحت اعلانات التشغيل الموقت «الشغل عليكم والوعد علينا» ظاهرة في الصحف. ومثلما استغلت مدارس اهلية حاجات بنات البلد للوظائف وتم الصمت سنين على هذا، يُستغل آخرون بالمماطلة في صرف الحقوق، منهم من يعمل في شركات خدمات وتوزيع صحف.
إن أساس عمل الجهة الحكومية – وزارة العمل هنا – الممــثلة للدولة، وجــهات حقوق الانسان الحكومية والأهلية هو رفع الظلم عن الضعيف أمام جبروت الطرف الأقوى الذي وضع بيـــنه وبيــن تفاصيل الأعمال والمناقصات مجموعة من الموظفين، ربما أخفوا عنه إخفاقهم وفشلهم، من خلال عدم صرف رواتب الموظفين والعمال. هذا ربما «يرفد» الموازنة موقتاً، لا يفيد الرد الجاهز بالإحالة إلى لجان النّفَس الطويل.
معروف أن إدارات الشركات أطول نَفَساً ولديها محامون متمرسون، ولهم علاقات مؤثرة، يستطيعون النفاذ من ثغرات الانظمة والمماطلة، وهو ما يسمح باستمرار الظلم. أين نحن مما نردده من نصوص شرعية؟ وأين مؤسستنا الدينية ووعّاظ لا يلتفتون إلى هذا؟! ثم كيف هو طعم هذا المال المشبع بـ «عرَق الضعفاء»؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
حياك الله. أبو أحمد
والله .أنا مش عارف كيف يجي لأصحاب هذه المؤسسات ،نوم وهم ظالمون الأيدي العاملة لديهم . هم لا يعلمون
بأن هذا العامل المسكين ورائه أطفال جوعى ومنهم الله.اعلم بحالهم من يحتاج للعلاج أوالذهاب للطبيب لاقدر الله. إذ أصاب بمرض.وألخ.وراهم مسؤليات.كما هو ينعم بكافة أمتعة الحياة .؟؟بأجورهم التي في محفظته.؟
كيف ربنا يبارك له في رزقه.ويهنأ له بال.ألايحاسب نفسه وضميره..نرجو العدل أيها أصحاب المؤسسات والدوائر
الحكومية.العدل أساس الملك…
الله يعطيك ألف عافية .أستاذي الغالي.ودمتم لمحبينك :
أشكر لك اخي الكريم أهتمامك
وأود التوضيح ان هذه المسألة عالقة منذ سنوات بدون حل ولكن المجتمع السعودي نسي ان ينتبه أن الأجنبي العامل لن يبقى الى الأبد وان الشباب السعودي سوف يحل محل العامل لانه ابن هذا البلد وبالتالي فان مسالة تاخر الرواتب وضئالتها سوف يعانون منها مستقبلا
استغلال العمال ليس بضعف الرواتب او تا خيرها فقط انما بدوام ساعات العمل والاجازات المفقودة والكثير من الامور المعقدة
رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام امر بتحرير العبيد فكيف نكون من امته وقد استعبدنا الاحرار
استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
شئ مضحك على الماشي استاذنا الكبير .. قبل اسبوع احد الاصدقاء يمدح في احد
الجيران امام سواق يرغب في نقل كفالته عليه وسرد له مميزات الكفيل ومن ضمنها
يقول له تصدق ان راتبك كل شهر تستلمه .
شكرا استاذي..
مؤسسة متعاقدة مع وزارة
عمالها في المحافظات بلا مرتب منذ 7 شهور
وضعوا مصير بني بنقال بيد عمالة عريبيا
واسكت عني واسكت عنك
والوزارة الأمر بيد من لا خلاق لهم
تبدي لهم الملاحظات فيقلوبنها بينك وبينهم !
وعساك سالم
اشكر اهتمامك الكبير استاذي عبد العزيز
وانقل لك تحيات كل من ظلم وكل من لم يستطيع ان يصرخ بوصوتة
ها انت الان قد تحملت مسؤلية كل مظلوم واصبحت قلمهم البتار للجور وعلقوا امالهم واحلامهم على عاتقك اعانك الله على نصرة كل صوت ورد حق كل من يستعين بك
اما صلب الموضوع انهملا يستطيعون ان يقاضوا شركتهم لانهم جميعا ليس على كفالة الشركة
وعملهم من باب العمل الاضافي المشروط بالذل وتحمل المزيد من الضغط غير ضغط حياتهم اليومية
بلغ الاستغلال با توكل لهم مهام اض
لم لا تلزم وزارة العمل من البداية , الشركات _ التي تفوز بعقود صيانة وتشغيل المنشآت الحكومية كالمستشفيات والمدارس ومباني الوزارات والجامعات بمبالغ ضخمة نقرأها كثيرا في الجرايد مائتين مليون ريال ومافوق في السنة _ بتخصيص 75 % على الأقل من وظائفها للشبان والشابات من أهل البلد , ولم لايكون الفوز بالمناقصة للشركة التي توفر أكبر نسبة مئوية من فرص العمل للسكان المحليين أي المواطنيين !
الموظف المحلي لن يكلف الشركة visa (فيزا) أو تكاليف إقامة أو سكن . بالمقابل لابد أن يكون راتبه في حدود ثلاثة آلاف ريال إلى أربعة لموظفي خدمة النظافة وخمسة آلاف لمن يحمل شهادات مهنية في السباكة والكهرباء والميكانيك وكلما زادت الخبرة ودرجة المؤهل زاد الراتب , وراتب ثلاثة آلاف ريال لعامل النظافة هو مبلغ ضئيل ولابد من حصول الموظف عليه من شركة التشغيل كاملا بعد ان يتم دفع التقاعد والتأمين الصحي وبدل السكن منه أي أن يكون في الأصل أربعة آلاف ريال. وقد يستنكر أصحاب الشركات مثل هذا العرض لكنه واقع ,حتى يتحقق التوازن في معدل دخل الافراد فلا تجد من يموت من التخمة ويقابله من يموت من الجوع .
تاخر الرواتب سبب مشكلة من نوع آخر وهو لجوء العمالة الى العمل خارج الدوام
واكثرهم يعمل في غسيل السيارات وقص الشجر ولا تلوموا اللي يسرق لانه يريد ان ياكل
كثير من العمال يريدون مقاضاة مؤسساتهم لكنهم مهددون بالتسفير وهم يطبقون المثل اللي يقول “شي ترجيه ولا شي تاكله”