عام الانفصال

كل المؤشرات تشير إلى انفصال جنوب السودان عن شماله، انها مسألة وقت بدأ اليوم عده التنازلي. الدفع لهذه النتيجة، الانتصار والهزيمة، جاء من الخارج والداخل، الخارج شجع ودعم بصبر وجلد، والداخل (الحكومة السودانية)، تراخت أو كابرت فلم تستطع استيعاب الخطر، وعندما يحاصر النظام السياسي يكون أمنه أولوية قصوى تتضاءل أمامها قضايا مهما كانت ملحة بل حتى ولو كانت تصب في مصلحته على المدى الأبعد، لذلك لا يُستغرب ما تتناقله مواقع عن ثمن للانفصال، ومنه إعادة تأهيل السودان «الشمالي» دولياً في العرف الغربي والأممي ليعود إلى الحظيرة الدولية.
يشبه جنوب السودان كردستان العراق، أياً كانت الاختلافات في محطات التقسيم فالنتيجة المتوقعة واحدة … الانفصال المقبول، فالمعارضة العراقية التي سلم لها حكم العراق ستقبل عاجلاً او آجلاً… علناً، بانفصال الأكراد عن العراق والثمن دُفع مقدماً، في حين ان الثمن مؤجل بالنسبة إلى السودان، ومن العادة في عالمنا العربي لوم القوى الغربية وهو امر يمكن تفهمه إلا انه يعمي البصيرة عن الدور العربي، وأقصد به دور أنظمة سياسية فرّطت بأوضاع أو تنوع موجود على أرضها، فلم تتمكن من الحفاظ عليه كمصدر قوة وثراء ليتحول إلى نقاط ضعف رخوة قابلة للاستهداف.
يدخل العرب عام 2011 وهم في حال لا تُسر إلا العدو، هذا إذا اتفقوا على عدو واحد لهم، فالأعداء التقليديون يستقبلون وتنشر صور معهم مطرزة بالابتسامات، ويظهر ان القادم العربي أكثر انحداراً. المؤشر يدل على تحولات أكبر وسط الفوضى الخلاقة، وإذا تأملنا الحالة التونسية كنموذج مشتعل يمكن لنا استشفاف مدى هشاشة الاستقرار. البلاد العربية تدار بأسلوب إطفاء الحرائق، أحرق شاب نفسه من القهر «وقهر الرجال يستعاذ منه» فاهتزت البلاد وظهرت أموال ومشاريع وتعديلات وزارية، لكن الشرارة عندما تشتعل يصعب إطفاؤها.
قد يتألم بعضهم من انفصال جنوب السودان عن شماله، ربما يشبهه أحدهم بأندلس «بكر» ضاعت، سلة الخبز التي طالما تم الحديث عن إمكاناتها – غير المستغلة – تضاءلت. الحجم كان ولا يزال في عرفنا العربي مصدر قوة… وفخر، لا يبعث على العمل بل يؤدي الى استرخاء، لأن القيام بواجباته كما يجب قضية أخرى.
هل يعي العرب الدروس المستفادة من هذا الواقع الأليم؟ فإذا كانت للقوى الغربية أطماع ومؤامرات فمن الواجب التفتيش بجهد وصبر عن نقاط ضعف يسهل التغلغل منها. إنها تلك التي في الداخل العربي… تلك التي يئن منها مواطنوه كل يوم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على عام الانفصال

  1. أبو بسام كتب:

    (ومن العادة في عالمنا العربي لوم القوى الغربية وهو امر يمكن تفهمه إلا انه يعمي البصيرة عن الدور العربي، وأقصد به دور أنظمة سياسية فرّطت بأوضاع أو تنوع موجود على أرضها، فلم تتمكن من الحفاظ عليه كمصدر قوة وثراء ليتحول إلى نقاط ضعف رخوة قابلة للاستهداف.)
    (وإذا تأملنا الحالة التونسية كنموذج مشتعل يمكن لنا استشفاف مدى هشاشة الاستقرار)

     المواطن السعودي العادي على هذا الدرب سائر

  2. طارق حسني محمد حسين كتب:

    يابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    انا اليوم احتياط .. والاستاذ ابو بسام اساسي …
    يقول غوار(المختار) : شو بدكم ؟؟؟؟
    يردوا عليه : مثل مابدوا المختار !!
    شو بدكم .. مثل مابدوا المختار ..
    ومثل مابدوا ابو احمد .. وعلى الله وشكرا

التعليقات مغلقة.