«هم»… غالطوني!

< في آخر خطاب للرئيس زين العابدين بن علي قبل خروجه من السلطة اعتراف وأسى واضح على ما فرط به.
في وقت متأخر جداً اعتراف بفهم مطالب الشعب، وهذا يستدعي سؤالاً مهماً عن رئيس لم يفهم مطالب الشعب إلا بعد تظاهرات وقمع ودماء. ما هي أسباب عدم الفهم كل تلك السنين، يجيب الرئيس السابق في الخطاب نفسه قائلاً انه تعرض للمغالطة. المعلومات التي تصله ممن حوله لم تكن صحيحة بل مغلوطة، وكان كبش الفداء هنا بعض المستشارين والناطق الرسمي ثم إقالة الحكومة والانفلات.
لماذا لا تصدق الحاشية في المعلومات؟ سؤال جوهري. من السائد في العالم العربي عدم إزعاج الرئيس أو الوزير، «مزاجه/ الوقت غير مناسب/ هناك ما هو أهم»، إلى غير ذلك من أعذار معروفة لدى المستأمنين على إيصال الحقائق. في الغالب يحدد درجة أهمية المسألة «هذا مهم وذاك أهم» من يقبض على المفصل وهم أهل الثقة، ويتحول هؤلاء إلى حلقة وحيدة ضيقة تصبح بمرور الزمن مركزاً متنفذاً يدير الأمور. هذا لا يقلل من مسؤولية الرئيس حبة خردل، من البديهي انه لو كانت هناك مؤسسات حقيقية لكان الواقع مختلفاً، لو كان التنظيف والصيانة يتمان باستمرار لكان هناك وضع آخر. لكن مسألة المغالطة احتمال قائم يخفي حقيقة «أنانية» مهمة، وهي أن من لا ينقلون الحقائق الى صاحب القرار يحمون أنفسهم أولاً… الانطباع العام أن ناقل الأخبار غير المستحبة في الغالب غير محبوب وإن كان صادقاً، والعرب لهم تاريخ في التطير، أيضاً صاحب الرأي المعاكس في اجتماع سيبدو نشازاً ناعقاً لا مغرداً في سرب وحده، فالحكمة السياسية في الدهاليز العربية للبقاء لا تتجاوز «تمام يا فندم».
كان بعض المقربين من صدام حسين أيام سطوته يقولون أن لا أحد كان يجرؤ على قول لا، خوفاً وطمعاً. يتحول الدكتاتور إلى صنم لا يقدم بين يديه سوى القرابين، لكن عدم قول الحقائق في أوضاع الناس قد يتطور إلى تزييفها فتقدم صورة غير صحيحة بالمرة بل مناقضة للواقع.
لماذا لا يحدث مثل هذا في دول متقدمة تطبق الديموقراطية مثلما تضعها أسماء لأحزابها، لأن هناك مؤسسات لأنظمتها استقلالية لا تمس، تراقب بعضها بعضاً، والحقوق تصان. فمن كان يتوقع أن شاباً جرى تهميشه مثل محمد البوعزيزي يفعل كل هذا؟
هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على «هم»… غالطوني!

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذنا الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    (هم غالطوني ) ايوه .. نعم هذا المفيد يابو احمد .. ولو انها كبيرة واحد
    يقول وهو في هذا الموقع (غالطوني) !!! القراءت الاوليه للمشهد تقول
    ياسيدي ان السبب الرئيسي الذي تردد ذكره اكثر من سبعمائة الف مرة
    الفساد المالي والاداري الذي نتجت عنه المحسوبية – شراء الذمم – استغلال
    المناصب – الرشاوي – اهدار المال العام .. القراءات الثانية استاذنا الحبيب
    تقول ان الاعلام ممثلا في حفنة اقلام قذرة اولا وهو المهم وبطانه تتطبل
    انتفعت من الاوضاع السائدة هذا ثانيا … لاجظ استاذي الاجراءات الاتي تم
    اتخاذها خلال ثمانية واربعين ساعه : اولا فتح على البحري لجميع الاقلام
    التي تم تكميمها سابقا .. طرد وحجب الاقلام التي كانت تلمع وتمجد وتفخم
    سجن وايقاف جميع عناصر البطانة للمسؤلين السابقين .. والاهم انه تم تقييد
    تعيين بطانة كل مسؤل والا تترك له الحرية في ان يجيب ذيوله معاه لان الذيل
    غالطه .. وحجب الحقائق . وطاحت الفأس في الرأس وشكرا

  2. مهند كتب:

    السلام عليكم ورحمة الله

    اكثر ما لفت انتباهي في خطاب زين العابدين نقطتين، الاولى غالطوني والتي يدور مقالك حولها واعتقد انها عبارة تستحق ان نتوقف عندها، والنقطة التانية هي انا فهمتكم فهمتكم، بعد 23 سنة من الحكم استطاع ان يفهم شعبه مع ان مايريده الشعب شيء يمكن لاي عاقل ان يفهمه ببساطة وهو حقه بالعيش بحرية وكرامة

    شكرا جزيلا لك

  3. احمد كتب:

    ياكثر المغالطين عندنا
    اسال الله ان يحفظ بلادنا وبلدان المسلمين من كل مكروه وان يصلح حكامنا ويكفيهم شر البطانة الفاسده

التعليقات مغلقة.