نعلم أن التلفزيون يستطيع تحويل بعض المشاهدين إلى ببغاوات يرددون ما يقوله حتى بنفس طبقة الصوت ومحاولة الإقناع، هذا أمر معروف لدى الأكثرية، لكن التلفزيون، أقصد جهاز البث، أسهم في توجه طريف لجموع المستهلكين قد لا يتوقعه البعض منكم؟!، أسهم برنامج تلفزيوني في ارتفاع أسعار نوع محدد من الببغاوات، أقصد طائر الببغاء الظريف أحياناً، والسبب أن برنامج ستار أكاديمي في قناة “ال بي سي” الذي “شعلل” بعض المنازل والاستراحات قدم ببغاء رصاصي اللون من ضمن “عائلة البرنامج” كما قيل لي وتأكدت لأني لم أشاهده، وعلى هذا الأساس أصبحت طيور الببغاوات صرعة منزلية، وارتفعت أسعار النوع نفسه الرصاصي اللون من ستمئة ريال إلى ألفي ريال للطائر الواحد من دون مبالغة.
ولع الناس بالببغاوات مثل ولع بعض الحكومات بأن تردد الشعوب ما تقوله وسائل إعلامها، وهذا يعني أن الفرد من الفئة أعلاه هو في الحقيقة حكومة بذاته، وهو لا يختلف عنها إلا في القدرات والإمكانات، ولو لم يردد الببغاء الكلام نفسه وقال كلاماً آخر ربما يتم تحويله إلى “نقانق” مشوية تقدم لأول قط زائر.
إمكانات جهاز التلفزيون هائلة، خصوصاً في حشر نزوات تتحول إلى حاجات ملحة، وهو يستطيع أن يحول طفلك أو زوجتك إلى حكومة داخلية تردد ما يقوله وعليك الإصغاء والانصياع، لذلك لم أستغرب أن ينصاع صديقي لطلبات طفله ويشتري طائر ببغاء من نفس الجنس واللون الذي ظهر في البرنامج المدعو “ستار أكاديمي” وبأسعار مضاعفة، والسبب أن كثيراً من الأطفال والنساء وربما جماعة “أبو الدش” من الشباب وجدوا في هذا الطائر الظريف أحياناً مكملاً لديكور المنزل، لذلك يرتفع سعر الببغاء لفترة محدودة ثم يتم نسيانه، إلى أن يظهر أنه سبب لأمراض الحساسية والربو، ويتم الاقتناع، أنه من الملوثات الصوتية، وقتها يتم بيعه في “الحراج” بأبخس الأسعار إذا وجد المشتري.
آخر منازل في العالم تحتاج إلى ببغاء هي منازلنا، ويقول لك البائع الخبير إن أول كلمة يحفظها الببغاء في منزلك اسم الخادمة، السبب أنها الدينامو المحرك للمنزل السعيد، لماذا منازلنا لا تحتاج لمثل هذا الطائر؟ لأنه لدينا من الببغاوات الكثير ولك عزيزي القارئ أن تضع من ذهنك من تشاء في هذه الخانة وتكفيني العناء، ولك أن تتخيل وضع أعصاب الخادمة مع فرد جديد ينضم إلى العائلة ولأشهر لن يجيد سوى المناداة باسمها وكل من حوله يضحك وهي لا تعلم على من تتعالى الضحكات، لهذا لن نندهش لو سمعنا عن خادمة قتلت ببغاء، ولقدرة الببغاء على حفظ الكلمات والجمل حكمة إلهية، الله أعلم بها. ربما هي تنبيه للبشر بأن لا يكونوا مثل هذا الحيوان البهيم، ومن الواجب عليهم أن يستخدموا ما في رؤوسهم من عقول بدلاً من ترديد ما يسمعون أو الانسياق مع القطيع في كل صرعة قادمة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط