يظهر لي أن كثرة مصادر المعلومات قد تؤدي إلى هشاشة في العقول، بدلاً من أن يحدث العكس، فيصبح من اليسير اختراقها، وتتحول إلى مطية، يسهل عليها التصديق والاقتناع وأيضا التبرع بالإقناع، ويتم حالياً ترويج صورة بشعة على الإنترنت وبالبلوتوث، الصورة لكائن مسخ، وتأتي معه قصة لفتاة أعطيت جنسية عربية خليجية، زيادة في الصدقية! وأنها خالفت والدتها في قضية دينية، فتحولت من فورها إلى ذلك الكائن المسخ، والذي سنطلق عليه هنا “خوخة الممسوخة”!
صديقي “المقلع” جعفر أخبرني أن الصورة مسروقة من موقع لمصممة استرالية، إقلاع جعفر ناتج من أنه أحد رواد ساحة الإقلاع، وهي موقع انترنت شهير ومعروف، يجتمع فيه شباب، لم يتمكنوا من الإقلاع بالطائرات، فاقتنعوا بالإقلاع على الانترنت، طلبت من المقلع جعفر تزويدي بروابط موقع المصممة الغربية، وقام بذلك مشكوراً، فوجدت “خوخة الممسوخة” وأخواتها، نعم اتضح أن لديها أخوات، واحدة واقفة، وأخرى تجلس مع أولادها “المسوخ” وربما هناك أخرى “منجضعة”، في الموقع تشير الفنانة إلى استيائها من استغلال عملها الفني بهذا الأسلوب ونسج قصص خيالية حوله، ولا تعلم من قام بتأليف هذه القصة، “خوخة الممسوخة” وأخواتها أعمال فنية مصنوعة من المطاط والسيلكون، هذا المسخ في الحقيقة – وهذا رأيي الشخصي – منسوخ من صورة حيوان ظريف يعيش في صحراء استراليا نسيت اسمه، أضيفت إليه الأثداء لتجعله بهذه الصورة الغريبة.
وهذا هو رابط الموقع http://www.patriciapiccinini.net/
اليقين الذي لا جدال فيه ولا نقاش أن قدرة الله – تعالى – ليس لها حدود، ومن بدائع صنعه – جل وعلا – هذا الجهاز الموجود في رؤوسنا، وهو – عز وجل – جعل للكون سنناً ونظماً يعرفها كل مؤمن، والوعظ بهذا الأسلوب يضر أكثر مما ينفع، ومن المؤسف أن تتناقل بعض المواقع التي تطلق على نفسها إسلامية مثل هذه الصور والقصص من دون تمحيص وتفكير.
ومن الطريف أن هذه القصة تذكرني بقصة أخرى، تؤكد على هشاشة بعض العقول وسهولة إقناعها، وهذا هو المناخ الخصب لعمل النصابين والمشعوذين، عندما وفد الفاكس طلعت إشاعة الأفعى التي ترد على المتصل، وراجت وآمن بها البعض، وقبلها تلاعب أحدهم بصورة لجمل ذي سنامين، فصنع من صورته جملاً بثمانية أسنمة، وراجت الصورة على الورق، وفوجئت أن أحد الزملاء في الصحافة ينشرها في صحيفة محلية، ويعلق عليها على أنها من “بدائع خلق الله” وقيل وقتها إن عدد هذا الجمل المطور محدود، حتى لا يقول أحد أريد مشاهدته، وقتها كتبت مقالاً عن بعير النقل الجماعي، وأن هذا الجمل المطور يصلح للرجال أصحاب العائلات الكبيرة بدلاً من سيارة الصالون، فهو أكثر أماناً!
تصور عزيزي القارئ لو أن “خوخة الممسوخة” وقعت في يد مشعوذ، واستخدمها للتأثير في زواره!! شكراً للمقلع جعفر، الذي ذكرني بالجمل المطور، فقد اتضح لي أن “خوخة الممسوخة” تحولت إلى هذه الصورة بعد أن شربت من حليب ذلك الجمل.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط