ورطة قنوات

كدت أن أتصل بالرقم 700 إشفاقاً على المذيع، لعلها مهنة تعيسة تلك التي تجبر المذيع أو المذيعة على الوقوف أو الجلوس واستجداء اتصالات المشاهدين، سبب الشفقة أنه رغم “حراج” المذيع  على الجوائز وانقطاع نَفَسه، لم يتصل أحد! لذلك “انكسر خاطري” عليه وكدت أن أواسيه باتصال، والبرنامج عبارة عن مسابقة مبسطة إلى درجة الذوبان، في قناة سعودية محلية، والبساطة غرضها حث المشاهدين للاتصال على الرقم  السحري الذي يدر ذهباً، ولأنه أصيب بالإنهاك وهو يحث على الاتصال ويكرر الإشارة إلى الفرص الكبيرة ولم يتصل أحد، دفعني هذا للمتابعة، هل سيتصل أحد؟ قام المذيع برفع قيمة الجائزة وتبسيط حل المعضلة أو اللغز، لكن مرت خمسة عشر دقيقة ولم يتصل أحد، قلت في نفسي لو يتصل أحد من طاقم البرنامج حفاظاً على كرامة القناة والبرنامج المسابقة، لكنه رقم 700… المنشار الذي لا يرحم، إذا حصل ذلك في سوق الأسهم يسمونه تدوير، كان اللغز عبارة عن تحريك عود ثقاب لتصحيح معادلة حسابية،   إلحاح المذيع المضطر الذي لم يجد صدى، تحول أمامي إلى مشهد كوميدي، تابعته بشغف، هذه الكوميديا العفوية غير المباشرة ربما تغطي عجز “الوناسة” في قنواتنا المحلية، البرنامج طيب الذكر يعرض بعد مغرب يومي نهاية الأسبوع، عندما حدثت صديق عن ورطة المذيع  أخبرني عن برنامج آخر في الصباح تستجدي فيه مذيعات أي اتصال في “قعدة شاي” فضائية، قال لي أن والدته، أطال الله في عمرها، والتي تصر على مشاهدة القناة المحلية فقط تخبره عن فرح المذيعات عندما يرن الهاتف وتشبثهن بمن يتصل وكأنهن يقلن: “وش وراك.. تكفى لا تروح”، الاتصالات في تناقص رغم أن البرنامج الأخير ليس من فئة 700.
هل أصبح لدى الناس مناعة من لعبة الرقم 700 أم أنهم اتجهوا إلى قنوات أخرى تقدم مغريات أخرى، ربما هذا وذاك.
لكن “الزبدة غير الدنماركية” تقول أن مهنة استجداء الاتصال مهنة محرجة، بل أصبحت مقياساً حقيقياً لمشاهدة القناة أو العزوف عنها، بمعنى أنها استبيان يومي يفضح ويكشف الأوضاع، بالنسبة لصاحب الـ700 فإن الأمر لا يعنيه لكن أين المعنيين بهذه القنوات، وهل تستحق ما يصرف عليها من أموال؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.