صورة المتحضر

عندما تغزو دول عظمى بلداً مستضعفاً وتنهب خيراته، هل من الممكن لنا أن نستهجن مقاطع من الذكريات “الجميلة” لجنودها في البلد المحتل؟
يكذب الساسة ثم يكتشف الجنود بعد وصولهم الميدان الكذبة الكبرى فيعودون إلى أصلهم الهمجي، هل من المعقول أن يتركوا الجمل بما حمل للسياسيين ورجال الأعمال والشركات الكبرى، إنهم يحاولون حفظ بعض من ذكريات الانجاز، الإنسان يسجل الذكريات التي تبهجه، إنها تلك الذكريات التي تخاطب قلبه وعقله، وفي تفاصيلها جزء من قيمه الحقيقية، إذا كان الساسة سرقوا ثروات البلد المحتل، فلماذا لا ينفِّس الجندي البريطاني عن نفسه قليلاً بركل وضرب وإهانة صبية عراقيين صغار، لا حول لهم ولا قوة، وهل ننسى أنه جاء على متن دبابة وقاذفة، ثم هل الجندي البريطاني “أقل قيمة” من حليفه الجندي الأميركي، إنها ذكريات تروى للأبناء والأحفاد بمقاطع الفيديو، ويمكن أن تباع أيضاً، الذين سرقوا حتى الآثار ألا يسرفون في تحطيم كرامة الأطفال، جيش احتلال ماذا نتوقع من جنوده؟
لا بد من أن هناك رصيداً ضخماً من الصور والمقاطع المصورة سيكشف عنها لاحقاً، إنها الصور الوحيدة المتوافرة، خلاف صور وكالات الأنباء المرتبة، أتذكر تلك الصور… جنود مدججون بالسلاح يهدون قطع الحلوى لصبية الشعب المحتل، يظهر أن الفتيان العراقيين الذين ظهرت صورهم وهم يضربون بقسوة رفضوا استلام الحلوى!
سيقال مثل ما قيل… هي حالات فردية، وربما لعبة تصفيات سياسية، يستخدم رجال ونساء وأطفال العالم الثالث في الحملات الانتخابية في العالم الأول، ربما أنها صور مزيفة، بل أن تنظيم القاعدة هو من أخرجها، ربما يظهر لنا إرهابي جديد اسمه “السينمائي” يماثل الزرقاوي، لكن سلاحه دفعات من الصور.
لماذا إنسان العالم الثالث والعربي على وجه الخصوص مستباح، بل لماذا هو مغرٍ إلى حد كبير للركل والصفع والتشويه والإهانة من سادة الحرية وحقوق الإنسان، هل هناك أمر مغرٍ في سحناتنا يدفع الأحرار من الغربيين لإهانتنا، لون بشرتنا مثلاً، شواربنا، ملابسنا!؟ وما هو مقدار اللذة التي تطفح بها أنفسهم في تلك اللحظة! تستطيع قياس هذا المقدار بالإنصات لأصوات التشجيع وصرخات الابتهاج والنشوة المصاحبة لتلك الصور.
لكن لماذا العرب!؟
سئل مسؤول في الحكومة العراقية عمّا ستفعله حكومته، وبعد أن لف ودار وحار، أعلن مضطراً رفضه لتلك الممارسات، ثم أعلن أيضاً بهمة أكبر وصوت أعلى عن استمرار حاجتهم لأولئك الجنود!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.