سنة الجلطات

هل أسميها “سنة الدجة” أو “سنة الجلطات”، “الدجة” أي الضياع والفشل، وربما نشتقها من الدجاج على اعتبار أننا في عصر أنفلونزا الدجاج ومن ثم الطيور، وأيضاً لأن هناك جهات حكومية تتعامل مع المواطنين تعامل البشر مع الدجاج، لكن “الدجة” أخف من “الجلطات”، لذلك استقر الرأي على هذا الاسم لكثرة ما سمعنا الجلطات – حفظنا الله وإياكم من كل شر – وعلى طريقة مؤرخينا القدامى – رحمهم الله – نقتطع هذه الورقة:
“ثم دخلت سنة 2006 وهي سنة جاءت بمقدمات مبشرة ووعود كثيرة قيل إنها سنة الطفرة وسنة النماء والعطاء، وكان من مبشراتها موازنة ضخمة أعلنت في الصحف والتلفزيونات، فقيل إن تلك الموازنة ستكون حلاً لكل ضائقة تعاني منها الجماعات والأفراد، وما أن استبشر الناس بعام الربيع هذا حتى أصابت من حولهم أوبئة الطيور فعمّ البلاء وصار رجال السلطة يدخلون على البيوت ويقتلون الطيور خوفاً من انتشار الأوبئة، أما في داخل البلاد فقد انتشر وباء آخر حيث قام البعوض الحقير، بما لم تقم به الطيور المهاجرة والداجنة، فانتشر وباء حمى الضنك في عدد من المحافظات، فأصاب الناس الهلع وضجوا وعلموا كم أنهم ضعفاء، وتحولت أيديهم إلى “مهشات”. وبعد زمن وبيانات، ولجان واجتماعات تكيف الناس مع الأوبئة والبعوض إلى أن صعقوا بوباء أعظم شمل بفيروسه الملايين، وأصاب أناساً بنوبات قلبية وجلطات واكتئابات سميت رسمياً اكتتابات، وسماها كبار السن “السهوم”، وكانت الطامة أن الناس صدقوا ما قيل لهم عن أنها سنة خير ونماء وخصخصة، فكانت في حقيقتها سنة “تخسيس”، وقيل من أكل الخس، وقيل بسبب الروائح التي لا تطاق مما يحصل، وكان اللغز الكبير كيف حصل ما حصل؟ ولم يجد الناس إجابة ولا رداً، فضجوا وكتبوا في الصحف والمنتديات ورفعوا البرقيات، ولكن أحوالهم ظلت كما هي، فكثرت الخسائر وفقد الناس أموالهم وممتلكاتهم وبعضاً من عقولهم، وامتلأت البلاد بالأسئلة، فكانت تنبت وحدها في الشوارع، وقال شهود إن علامات الاستفهام أصبحت أكثر من البعوض، وشوهدت تطفح على رؤوس الخلق فأصبحوا يهشون عن عيونهم ثلاث حشرات الذباب والبعوض وعلامات الاستفهام، فسماها بعضهم سنة الاستفهام. وعلى رغم ذلك استعصى الأمر على الفهم، فلا إجابة تشفي الغليل، فتوجه الخلق إلى خالقهم أن يصلح أحوالهم، وكثرت في هذه السنة حالات الطلاق، وتكاثر العنف في الطرقات والسرقات في الشوارع والمحال، وأفلس مَن أفلس وأعلنت البنوك ارتفاع أرباحها تسعين ونيفاً في المئة”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.