بعد أسبوع واحد من وصف رئيس الحكومة الصهيونية لرئيس السلطة الفلسطينية بـ “المخلص”، والعناق الحار الذي جرى في عمّان تحت مظلة جوائز السلام الكاذبة، تجتاح قوات الأول أراضي سلطة الثاني! فتدمر كل شيء، البشر والشجر والحجر. يأتي هذا بعد أسابيع من اجتماعات توسطية لحكومات “الوساطة” العربية، التي كان يطلق عليها سابقاً “دول المواجهة”. تم تقدير جهود هذه الحكومات التقدير الذي تستحقه!
يأتي هذا الاجتياح بعد أسابيع من ضغوط عربية على الحكومة الفلسطينية لتأييد المبادرة العربية، وكأن هذا هو العائق الوحيد أمامها ليقبل الصهيوني بها.
السبب المعلن لهذا التدمير هو البحث عن جندي مخطوف. تقدم الدولة الصهيونية درساً لحكومات الوساطة العربية في قيمة الجندي والمواطن، لن تفقهه! بعض دول المواجهة العربية تساقط جنودها على الحدود مع الدولة الصهيونية بنيران زملاء الجندي المخطوف ولم تحرك ساكناً. حدث هذا منذ أسابيع قليلة. تستطيع هذه الحكومات ملاحقة متظاهرين وقمعهم، وإيقاف طالبة في المرحلة الثانوية عن الكتابة في المحظور، والمحظور هو قول الرأي الحر في المتغطرسين. قيمة الجندي العربي لا توازي قيمة الجندي الصهيوني لدى حكوماته. هذه الحقيقة هي التفسير لحال الإذلال العربي من قبل أميركا والصهيونية العالمية.
“مبروك” للمخلصين… عندما كانوا على رأس السلطة التنفيذية تمت مكافأتهم بالمماطلة، ثم بسلسلة من الاغتيالات، ومحاصرة رئيسهم المريض ثم قتله. وعند توليهم الرئاسة، تمت مكافأتهم بالتجويع والاغتيالات، ثم الاجتياح براً وجواً. إنه الإخلاص الذي لا يعرف حدوداً. إخلاص لمن؟ هذا سؤال لا يجيب عنه سوى المخلصين!
وحتى يكون الاجتياح وتدمير المنشآت وتشريد الأبرياء ملائماً للحالة النفسية العربية المثقلة بالرقص الفضائي، ينضم إليه الإعلام، فتقوم قناة فضائية عربية باختصار نشرات أخبارها، وتحشر هلاميات كأس العالم لإطفاء الغضب، ثم تختار الصور والعناوين المهدئة والمخففة، طبعاً حتى لا تؤجج التطرف! وتتجاوز هذه القناة كل الحدود فبعد تغطيتها المعتمة للحدث الأكبر في المنطقة… مباشرة تعلن عن برنامج وثائقي يبين أخلاقيات الطيارين الإسرائيليين!
إنهم، كما يقول الإعلان المضحك المبكي، يرفضون القيام ببعض الأوامر، فعملهم أخلاقي جداً. المعنى أنهم يقودون قاذفات “حنيّنة” و “إنسانية”، تختار بؤر التطرف بعناية مثل عناية مبضع جراح قدير. وبؤر التطرف قد تكون ساكنة في قلب طفلة أو رأس عجوز منهك.
لقد وصلت التقنية الصهيونية إلى معرفة النيات والدواخل. والنتيجة أن المنطقة وشعوبها تُدفع دفعاً إلى التطرف، فيتم تفريخ ما قالت أميركا إنها جاءت لمحاربته، وتقدم المنطقة وشعوبها هدية لمن يشتري. فـ “مبروك” للمخلصين إخلاصهم، و “مبروك” لحكومات الوساطة العربية حفلاتها ووساطتها. إنها تُقدَّر من جانب الصهيوني حقّ قدرها.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط