نيابة عن العالم العربي

يظهر أن المستقبل يخبئ الكثير للعالم العربي، إذ تسود حالة من التردي والتشرذم لم يسبق لها مثيل، إلى درجة لا أستبعد معها أن تتحدث الدولة العبرية نيابة عن العالم العربي في هيئة الأمم المتحدة!
العالم العربي فقد حتى الصوت، لم يعد له صوت يذكر، اللهم إلا مظاهرات في الشوارع هنا وهناك، لا تقدم ولا تؤخر على أرض الواقع، أما سبب تشاؤمي المفرط وتوقعاتي بأن تمثل الدولة اليهودية عالمنا أمام أكبر منظمة دولية مستقبلاً، فهو تصريح لنائب رئيس الحكومة الصهيونية “شمعون بيريز”، قال الداهية إن العالم العربي أو معظمه يدعو للمرة الأولى إلى الإفراج عن الجندي المخطوف! هكذا قرر نائب رئيس الحكومة اليهودية بتاريخه السياسي المعروف، وتحدث نيابة عن العالم العربي أو معظمه، ولا بد من أن لديه شواهد من جهود “الوساطة” التي تقوم بها أكبر دولة عربية، وهي وساطة بسبب الضعف والتبعية الخارجية، تصب نتائجها في الغالب لمصلحة دولة الصهاينة، فهي لم تقف موقفاً حازماً عندما قتل جنودها على الحدود، ثمن الجندي العربي عند حكومته لا يساوي ثمن الجندي الإسرائيلي عند حكومته، ولدى بيريز وهو يتحدث نيابة عن العالم العربي أو معظمه شواهد أخرى من رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس الحكومة المنتخبة التي لم يعترف بها، وأسهمت حكومته في حصارها وقتل كثير من قادتها اغتيالاً.
أخطاء الساسة الفلسطينيين لا تعد ولا تحصى، أكبرها اتفاق أوسلو المقبور، مروراً بالخطط الكثيرة لإنشاء الدولة الفلسطينية من معالم الطريق إلى دفن الغريق، أخطاء الساسة الفلسطينيين لم تقف عند حد التقاتل على رغم العبارات الطنانة حول حرمة الدم الفلسطيني، التقاتل حول السلطة والنفوذ واستشراء الفساد كان عاملاً حاسماً في تغذية المماطلة الإسرائيلية، كل هذا يعلمه الجميع.
الولايات المتحدة وإسرائيل تقدمان يومياً درساً للعالم في “منطق القوة”، ومنطق التدمير والأرض المحروقة، لذلك ليس من المستغرب ما تحاول الحكومة الإيرانية الوصول إليه، كما لا يستغرب المراقب محاولات كوريا الشمالية، ولأن منطق القوة هو الذي يحكم العالم، إيران وكوريا الشمالية تحاولان الحصول على أكبر قدر منه، النموذج الحاضر والمثال الطازج هو العالم العربي، فقد هذا العالم القوة والإرادة، فكان مصيره أن يتحدث نائب رئيس الحكومة المعتدية عليه نيابة عنه أو عن معظمه!
أما ذر الرماد في العيون فيأتي من السياسة البريطانية، إذ يصرح رئيس الوزراء “توني بلير” قائلاً: “إن الغرب سيدفع ثمناً باهظاً إذا فشل في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، هذا تصريح بريطاني موسمي! يقول هذا ويرسل قواته إلى العراق وأفغانستان، وكأنه لا يشارك في إدارة دفة هذا الغرب مع حليفته الكبرى.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.