“قرقر”

بالقاف المخففة كما ننطقها باللهجة المحلية، أتت من “القرقرة” أي الهذر والثرثرة، وهي أيضاً صوت الأمعاء الجائعة، و”قرقر” شخصية جديدة أضمها إلى شخصيات عدة مثل “خمخم” ورجل الشارع وشريكه و”أبو نعيلة” وأخيه.
 “قرقر” هذا شخص مهذار، الجملة لديه تتحول إلى معلقات، يحب الإعادة والتطويل والتهويل، يتحدث شكلاً بلسانه وبكل جسمه فعلاً. وقرقرة اللسان لا تختلف عن قرقرة البطن إلا بكونها أشمل وأعلى صوتاً وموجهة إلى الخارج، اللسان فيها الأداة الظاهرة، لكن جميع الحواس تشارك فيها حتى اللمس، بث مباشر يسد الأفق، يحتاج “قرقر” إلى يده عندما يقرقر، يهمزك مرة للتأكد من أنك مصغ بكل جوارحك، يقول لك “أنت معي”! وأنت بالفعل معه، ولا معكم أحد، ومعه منذ مدة، لا يكتفي بأذنيك المتهدلتين المنهكتين من ثرثرته.
فهو يريدك كلك، ولو حصل لحلَّ في جسدك، وحوّلك إلى مكبر صوت للسانه “المقرقر”، وهو في الحقيقة يتحول إلى حبل صوتي كبير الحجم بمقدار حجم جسده مع خاصية بث فريدة.
قد يشتكي لك “قرقر” أو يخبرك بأمر، ومنذ أول حرف ينسى أنك لست طرفاً في موضوع القرقرة، تصاب حواسه كلها بالعتمة، أعين مفتوحة على سعتها، يتراقص سوادها، لكنها لا ترى من حجب اللسان، وآذان معطلة قد تم “تقزيزها”، “يقرقر” عليك “قرقر” قسراً عن شيء، ويجعله كل شيء، يسد به الأفق، ويشفط بواسطته الأوكسجين من المكان، فتصاب بمشكلة في التنفس، أما إذا اصطادك “قرقر” بالهاتف فويل لك! فهو يقوم بإلغاء الجزء الثاني من سماعته، كأنني به وبسكين ساخنة يقطع جهاز الهاتف موقتاً إلى نصفين يضع النصف الأعلى المحتوي على السماعة بعيداً منه، و”يردح” لك بالنصف الباقي، يذكرك بممثلة تجسد دور بنت البلد في مسلسل عربي، تحتاج حلقاته إلى مزيد من المط، أو “رقاصة” مشهورة حولتها بعض القنوات الفارغة إلى “منظِّرة” اجتماعية، فتوقعت أن المايكروفون لا يختلف عن ساحة الرقص الليلية.
تلاحظون انني أوردت الأمثلة من النساء، نحن الرجال نتهم النساء بالثرثرة، وفي هذا جانب من الحقيقة، لكنه بعض منها، والجانب المفقود في هذا الصدد أن في الرجال من يبز النساء الثرثرة، وكان الموظفون إذا ثرثر المدير عليهم وأكثر من “القرقر” يقولون إنه مضطر، بسبب ابتلاعه للسانه في المنزل، فقد يكون هناك بث أقوى.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.