وهم «الكثرة»

الأمثلة على تخدير لذيذ يحدثه هذا الوهم عديدة، على سبيل المثال لا الحصر في الصراع العربي الإسرائيلي استند العرب إلى كثرتهم وعملت الدولة الصهيونية على النوعية وبناء تحالفات وتأثير داخلي قوي في الدول الكبرى والنتيجة معروفة، وفي الصراع مع نظام إيران الطائفي استند السنة إلى كثرتهم في حين اجتهد نظام الملالي لبناء ميليشيات مسلحة طائفية داخل نسيج المجتمعات العربية السنية «الكبيرة»، وتغلغلت وحققت السيطرة على أكثر من عاصمة وقرار لدول عربية.
ولأن هذه الكثرة شكلية عددية إحصائية لا حضور فاعلاً واضحاً لها، فهي من ناحية الأثر إلى الوهم أقرب منها إلى الحقيقة، ومع ذلك فهي تعرضت وتتعرض إلى الخلخلة والتفتت البطيء نتيجة لشعور القوة «المتوهم» وتعدد الاستقطابات، وأيضاً لاستخدام ملف الأقليات من القوى الكبرى ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية كلما وجدت أن ذلك يصب في مصالحها هي لا مصالح الأقليات.
لكن القوى الكبرى لا تستخدم ملف الأقليات حينما لا يصب في مصالحها، ولدينا نموذج حي في إيران، فعلى رغم الانتفاضات المستمرة لمختلف القوميات من الشعوب الإيرانية خلال الأشهر الماضية، فإنه لا يأتي ذكر لا في وسائل الإعلام الغربية ولا في تصريحات ساسة الغرب لحقوق هذه الأقليات وظلم وعنصرية تعامل نظام طهران معها.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.