«مربوش»

لا ينسى الطبيب الجراح شيكاً مصدقاً أو بطاقة بنكية في بطن المريض، ولا حتى هاتف جوال رخيص الثمن، ينحصر النسيان في مقصات معدنية وشاش وقطن. الطبيب بشر ومن الطبيعي أن ينسى، والمشكلة أن لنسيانه نتائج خطرة. المفترض أن تُوفّر له البيئة المناسبة التي تحد من احتمالات نسيانه، أيضاً من المهم توافر قانون صارم وسريع للتعامل مع الأخطاء.
أتحدث عن الحالات الفاقعة، في كل وسط عمل الصالح والطالح، وبيننا أطباء يوضعون في العيون، وقديماً قيل «الخير يخص والشر يعم».
إنما أريد وصف الحالة العامة للطبيب عندنا، اعتقد انه «مربوش»، من «الارتباش» وهو أخ شقيق للارتباك، لأن الطلب متفوق بمراحل على العرض، ورقابة جودة الخدمة في حالة فقر، وإذا نظرت إلى أطباء ترى أنهم يعملون بين غرفتين يجهز في كل غرفة مريض، وربما يُستدعى وهو يطبب المريض لحالة عاجلة ثالثة.
في هذا المحور، لا يُستغرب أن تكتشف لجنة طبية شرعية أن المقص الذي نُسي في بطن المريضة هو من جراحة أجريت قبل ثلاث سنوات
ونصف السنة! وليس من جراحة تمت قبل عامين ونصف العام، يظهر أنه قد حفر على المقص تاريخ الإنتاج! لست مختصاً لأقوّم عمل لجنة طبية شرعية لكنني مندهش من طول المدة بين الخطأ والتحقيق وإعلان نتيجة فيها المتهم والبريء شخصيات غامضة.
في المقابل يشكو أطباء من ضغوط أصحاب منشآت طبية عليهم إذا انخفض الإيراد، وبين الترهيب والترغيب يمكنك توقع نوع الخدمة، في حين يتمنى الطبيب الحكومي الدخول الى هذه السوق المربحة.
الحقيقة انني نسيت شيئاً مهماً، وهو كثرة توقيع العقود، لتوسعة مستشفيات أو إنشاء جديدة، ولا يرى الإنسان أثراً لهذه العقود في تحسن الخدمات الطبية، فإذا قرأت ما نشرت «الحياة» عن «هيكل» مستشفى مهمل في حفر الباطن منذ سنوات – حتى انه سُرق ثلاث مرات – يمكنك التفكير في جدوى استمرار توقيع العقود، والحاجة الماسة الى تقويم أعمال الجهات الحكومية من جهات مستقلة مرتبطة مباشرة بصاحب القرار، إذا صار ضرورة وطنية.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على «مربوش»

  1. تعلم عبدالعزيز ماذا أود القول لوزارة الصحة ؟

    كما قلت في مقاله سابقه لي بأحد المنتديات
    (فلتمت وزارة الصحة بخطاء طبي)

  2. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
    سيدي العزيز أستغرب أنا وبحكم ممارستي لمهنة الطب أن ينسى الطبيب مقصا أو شاشا بداخل تجويف بطن المريض ،لأنه من المتعارف عليه أن يقوم الطبيب بمساعدة الممرضين بغرفة العمليات بعدد جميع قطع الشاش و القطن قبل خياطة الجلرح، أما بخصوص المقصات فذلك أمر غريب فكيف للمقص أن يدخل البطن لولا اهمال الطبيب، ولكني أردت أن أشير الى نقطتين الأولى بخصوص الطبيب الذي يعمل بغرفتين بنفس الوقت، فللأسف هذا صحيح، والا كيف تتوقع من الجراح أن يتم 10 عمليات أو أكثر بيوم واحد ، خصوصا أن مستشفيات وزارة الصحة عامرة بالمرضى ، ومع ذلك يشكوا الجميع من طول قائمة الانتظار لمواعيد العمليات، سيدي العزيز أن تطلب من الجراح أن يناوب حتى صباح اليوم الثاني ،أي أن تطلب منه أن يقوم بعمله على أكمل وجه لمدة 24 ساعة متتالية وخصوصا بمستشفيات الصحة ،هو ضرب من الجنون، فالمشكلة أولا بوزارة الصحة وأنظمتها .

التعليقات مغلقة.