يجب ألا تعرف!

سؤال في رسالة يقول كيف نعرف الملابس الجاهزة المسرطنة لنتجنبها؟ صدى للمعلومة الخطيرة التي نشرت قبل أيام من أن 10 في المئة من الملابس الجاهزة المستوردة في جدة مسرطنة، وأن 80 في المئة من تجار الملابس في «العروس» متسترون.
سؤال في محله يكشف عن غموض تصريحات، وإذا تقمّصت شخصية المحقق الصحافي يمكن استنتاج أن التصريح بالمعلومات هدفه إزاحة كتلة من التجار المتسترين، أما وضع الإصبع على الخطر بإعلان أسماء منتجات ومتاجر بعينها فهو من اللا ممكن، يذكرني هذا بـ»اللا منتمي» الذي تفلسف فيه الإنكليزي كولن ويلسون. الغموض مطلوب، والأصل في بلادنا أن يتم الكشف «بنقاب»! لذلك ادعى البعض أن اسم القبيلة والأسرة حائل أمام التشهير بالتجار، وشارك في هذا التبرير قضاة! خرجوا قائلين إن التشهير عقوبة هي الأخرى، والجمع بين عقوبتين ظلم، أما الجمع بين المرض والقهر فهو من القضاء والقدر، اللهم الْطف بنا من أهل التبرير. بالعموميات أو «الغموضيات» تعلن التجارة إتلاف بضائع ومخالفات تجار بعد سنوات من المخالفة ولا تذكر أسماء أو منتجات، وهي وإن بدأت في إعلانات خجولة أخيراً بعد طوفـان الغش والاحتكار فهي تنـتقي، بلد في حكم قارة ونـشاط تجاري هو الأوسع في المنطقة ولا تظهر سوى ثلاثة أو أربعة إعلانات لمخالفات خلال عام؟! لماذا لا تنبش وزارة التجارة ملفاتها فتخبرنا «كنموذج» عن قضية أطنان اللحوم الفاسدة التي ضبطتها البلدية في الـريـاض قـبل سنوات؟ الأمير نايف بـن عبدالعـزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الـداخلية الـسعـودي أصدر قبل أيام قراراً بإلزام الجهات الأمنية بتلقي شكاوى الشيكات المرتجعة مهما كان تاريخها، حسم بالقرار خلافاً بين الجهات المعنية وأراح موظفي التجارة، فلماذا لا تقتدي وزارة التجارة بهذه القدوة الحسنة في قضايا موجودة في أدراجها لإعادة الهيبة والقيمة للإنسان في غذائه وملبسه وسلامته، هيبة وقيمة انحدرت إلى القاع.
الغموض مطلوب في بلادنا، وانظر إلى تصريح وزير النفط الســعودي عندما يرد على سؤال عن قضية تهريب النفط من ميـناء ينبع، فينفي وجود تحقيق في هذه القضية! وحتى إذا كان هناك اخـتـلاف بيـن الـنـفط ومـشــتقاته، نعم القـضـية تخـص الأخيرة، والتحقيق فيها مـعـروف تُسأل عن نـتـائـجـه جهـات تـحـقيق لا تـظهر في الصورة أبداً، هذا النفي يخبر عن تشجيع ثقافة الغموض، مثلما يبين حقيقة أحوال مكافحة الفساد.
عودة للإجابة عن السؤال: كيف نعرف الملابس المسرطنة؟ الأفضل أن تخيط ملابسك؟
***
أكثر العبارات ترديداً في السعودية خلال العام 2010
«الشق أكبر من الرقعة»
«القربة مشقوقة»
«مَن أمن العقوبة أساء… الأدب».

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على يجب ألا تعرف!

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الحبيب ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    اذا بغينا نعرف يابو احمد الامور المسرطنة من الغير مسرطنة سواء
    ملابس والا اكل والا سم البعيد عنكم استاذي ومن يقراء يجب ان نتسلطن
    والسلطنة هذه يابو احمد تتمثل في جك سوبيا واديها البعيد واذا شعرنا اننا
    وصلنا جبل كرا والمؤدي الى الهدا والطايف نعرف اننا بدأنا نفرق بين
    المسرطن والغير مسرطن واخاف الواحد فينا يروح المكتب وهو لابس
    الفوطة .. وعلى ذكر الشق اكبر من الرقعه يابو احمد .. تقول احد الاقوال
    خلاص البعيد ماعاد تتخيط ولاعاد ينفع فيها خياطة وربك سامع الدعاء وشكرا

  2. سعد الماضي كتب:

    حياك الله ابو احمد
    مشكلة تعيين المسؤلين لدينا أنها تفتقد الالزام لتنفيذ خطة محددة أو هدف معين .
    بعض المسؤلين يفتقدون للشجاعة الادارية وكل ما يتمناهـ ان تنتهي فترته دون الاصدام مع الغير.
    مشكلة أخيرة وهي عدم وجود حساب للمسئول أثناء فترة وزارته أو بعدها .

التعليقات مغلقة.