“مزايين الفضائيات”

أعتقد أنها المرة الأولى التي يقوم فيها مسؤول في وزارة الإعلام السعودية بانتقاد علني لقنوات فضائية “خاصة”، هذا الانتقاد الأول من نوعه جاء على لسان وكيل وزارة الإعلام السعودية الدكتور عبدالله الجاسر أواخر الأسبوع الماضي، والانتقاد الساخن وجهه إلى بعض مالكي القنوات الفضائية، متهماً إياهم “بضيق الأفق والاقليمية”، مؤكداً أن “مؤسسات الإعلام الفضائية السعودية الخاصة هي مؤسسات فكرية ثقافية في المقام الأول وليست وسيلة للتجارة المبتذلة، وقال ان حرية الإعلام تعني حرية الإنسان، وللأسف أصبحت هذه الحرية اسمية بعد أن سيطرت المصالح الاقتصادية والفئوية على أصحابها، وقال ان كرامة الإعلام تأتي بكرامة اللسان وعفته والحفاظ على الذوق العام ومشاعر الناس والابتعاد عن النعرات الطائفية والإقليمية والتفرقة بين أبناء المجتمع الواحد، وأكد أن تسمية بعض هذه القنوات الفضائية باسم قناة القصيم الفضائية أو قناة حائل الفضائية أو جدة ما هي إلا تركيز بغيض وواضح للإقليمية الضيقة التي ينكرها كل مواطن” انتهى.
يظهر لي أن الدكتور عبدالله متفائل كثيراً عندما قال: “ان مؤسسات الإعلام الفضائية السعودية الخاصة هي مؤسسات فكرية ثقافية في المقام الأول وليست وسيلة للتجارة المبتذلة”. الواقع لا يعكس هذا.
في تقديري إن الغالبية تتفق مع سعادة الوكيل خصوصاً في اطلاق أسماء مناطق على قنوات فضائية تقوم بتكريس الإقليمية، وقد تم الصمت عنه في بدايته فكان أن انتشر.
قبل أشهر اتصل بي أحد الأخوة ليعرض المشاركة في العمل على إنشاء  قناة فيها رائحة “قبلية”، الفكرة جاءت من رجل أعمال، والذي جعلها تطفو على السطح ما حصل من “دخل” في “قناة” شاعر المليون. الفكرة المرفوضة لن استغرب لو وجدتها بعد فترة أمامي على الشاشة.
لقد تأخرت وزارة الإعلام في الانتقاد، وتأخر كثيراً وزراء الإعلام في التدخل، وأسهمت “عربسات” بحياديتها طوال سنوات في توفير الأرضية، ومثلما أن القنوات المناطقية والطائفية مرفوضة، فإن القنوات البذيئة وما أكثرها مرفوضة أيضاً سعودية كانت أم من جنسيات عربية أخرى يصمت عمداً عنها، وإذا لم يتدخل وزراء الإعلام العرب بحزم، فإن الشق سيتسع وللمتابع العربي أن ينظر لحال “فضائيات العراق” فيعلم أين المآل.
أما ما يخص السعودية، فإن الشرارة بدأت في تقديري من التغيير الذي تم في مسميات “مزايين الإبل” ثم “طورها” بعض الشعراء الشعبيين في شاعر “الطبلون”! وكانت رسائل الجوال هي الحكم.
من نافلة القول إن الأمر يستدعي تدخلاً حصيفاً حكيماً، ولعل وزراء الإعلام العرب يستفيدون من أخطائهم وتسويفهم، أما إذا كان العمل العربي الإعلامي مشلولاً، فإن على وزراء إعلام دول مجلس التعاون الخليجي المبادرة بتنظيف ساحتهم. 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.