“إذا كان الحقيقي غامضاً فلن تستطيع معرفة الوهمي!”، هذه ليست مقولة أو حكمة “صينية”، بل هي إن أردت “التصنيف” مقولة “تبسية” من “التبسي”، وهو الاسم الشائع لصحون الأكل التي يتحلق حولها السعوديون على وجبة الغداء. “الصينية استحضرت التباسي”. في مقابل “التباسي” هناك “البوادي”، كأن الأول من ذكور الصحون، فيما “البوادي” من الإناث. الأول مع ما فيه من تسطح خادع يتميز بالامتداد ليتيح لعدد أكبر التناول منه، في حين أن “بادية الأكل” أصغر مع عمق بيّن، قد يخفي مفاجآت (قرصاناً أو جريشاً)، وهما من الأكلات الشعبية السعودية لمن لا يعلم.
كيف لنا معرفة الحقيقي من الوهمي في حملات الحج، والوزارة الموقرة تحتفظ بأسماء من رخّصت لهم. قبل أن تعلن الوزارة عن رقمها المجاني اتصلت بها للسؤال، فقدم لي الموظف مشكوراً رقماً في مكة المكرمة اتصلت به من دون فائدة… إذ دخلتُ في متوالية اتصالية لم أحصل منها على نتيجة، ثم بعد أن أعلنت الوزارة الموقرة عن هاتفها المجاني800244480، اتصلتُ عليه مراراً وتكراراً وحصلت على الجملة الشهيرة “مكالمتك لا تتم بالطريقة التي استعملتها”. ولمزيد من التثبت، اتصلت من هاتف آخر ثابت وجوال لأحصل على النتيجة نفسها، كان ذلك في الساعة الواحدة بعد ظهر الخميس الذي أعلن فيه الرقم.
لعلك تتساءل مثلي: ما الذي يمنع وزارة الحج من إعلان الأسماء في “الإنترنت” والصحف وكل مكان؟ وإلى أن تعلم الأسباب القاهرة من مصدرها الرسمي، اقرأ معي ما جاء في تصريح صحافي لوكيل وزارة الحج: “إن من يرغب الحج من المواطنين والمقيمين مع الحملات الداخلية عليه الاتصال بوزارة الحج، للتأكد من أن الحملة أو الشركة مسجلة لدى وزارة الحج لموسم حج العام الحالي 1428هـ، وعدم الاعتماد على وجود تصاريح للحج إلى عام 1430هـ”… انتهى. لوغاريتمات! هناك تصاريح حتى عام 1430هـ، وهي غير حقيقية كيف حدث هذا، وهل هي تصاريح مزورة؟ أما العقبة التي لن تنفع في تجاوزها كل استثمارات الدولة في الطرق والأنفاق والجسور خدمة للحجيج فهي النتيجة التي سيقع فيها بعض الحجاج إذا حجوا مع شركات وهمية لا يعرف حقيقتها سوى موظفي الوزارة. قرأ معي: “تم تزويد منافذ الجوازات في مكة المكرمة بصور من تصاريح الحملات المعتمدة، ويمكن إعادة الحجاج المتعاقدين مع الحملات الوهمية من منافذ مكة”! الحق بالطبع على الحجاج! في التصريح الصحافي قيل إن المرخص لها أكثر من 200 حملة لم يحدد الرقم بدقة. في تصريح لاحق: “اعتمدت الوزارة 246 حملة حج”. فهل الوزارة تعمل في الوقت الضائع بين الحقيقي والوهمي؟ جميع الأطراف تعرف الحملات الحقيقية ما عدا الحاج، أليس في هذا توفير فرص لتوريط حجاج الداخل وسوق “تهبل” للحملات الوهمية؟ سبحان ربي.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط