الأزمات عندنا وفي دول العالم النامية تبدأ كبيرة ثم تصغر وتصغر حتى تتلاشى في حين أنها في الخارج “الغرب خصوصاً” تبدأ صغيرة ثم تكبر وتكبر لتحدث وقعاً ذا اثر طويل الأمد، يؤرخ له قانونياً، هذه من رؤية صديق أتفق معها تماماً وأضيف لها… أن من صفاتها لدينا أو تعاملنا معها… التكيف، نحن نتكيف مع الأزمات سريعاً، ليس في الفعل الواجب تجاههاً للحد من تكرارها بل في التجانس واعتبارها شأناً تم “التطبيع” معه، خذ أنفلونزا الطيور مثلاً، أصبحت أخبار إعدام مئات الآلاف منها أخباراً عادية، وصار الإمساك بشاحنات تريد تهريب بعض منها إلى المدينة لتضيع دماؤها بين المطاعم أيضاً شأناً عادياً، بل وتكاثر الحديث عن استثناءات! وقبلها أزمات، تكرر ذكرها، لا ننسى ندور معها مصداقاً لنظرية “الدورانية”.
في المقابل لا تجد فعلاً يعلن عن نفسه، مراقباً من خارج دائرة المنشغلين يومياً بالمواجهة، يطمئن المواطن إلى أن هناك فحصاً لأوجه الخلل والقصور، وتقصياً يبحث عن الثغرات التي أدت إلى ما أدت إليه، وتشخيصاً يمهد للعلاج، إذا كان في الأزمات من ايجابيات فهي تنحصر في معرفة أسبابها وإعداد الخطط الكفيلة بسد الثغرات مهما كانت الأثمان، من هنا طريق التقدم والتطور وإصلاح الأخطاء.
لعل مما يحز في النفس أن الكاتب يتذكر أحرفاً مثل هذه نثرها إبان وبعد تداعيات حمى الوادي المتصدع قبل سنوات طوال، كان يمكن خلالها عمل الكثير للتحديث والتطوير وتقديم نموذج حي للاستفادة من أزمة تم الاهتمام بها على أعلى مستوى، فهل يمكن نسيان فعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؟ وكيف قدم نموذجاً لمستوى الاهتمام ونوعيته العاجلة عندما قطع رحلته الخارجية وحطت طائرته في جازان؟
الأسبوع الماضي مررت بإحدى أسواق لحوم الدواجن في الرياض وتأثرت للكساد الكبير الذي تعاني منه، البائعون “يهشون الذباب”، ولا زبون واحداً. قبل أسابيع لم يكن المتسوق يستطيع إيجاد موقف.
نعم هناك استثمارات كبيرة تأثرت وتضررت، وهي لإخوة لنا وبعض آخر لمستثمرين أوكلوها من الباطن للعمالة، إلا أن صحة الناس لها الأولوية القصوى، الناس أو المستهلكون الآمنون ما كانوا سبباً في هذه الأضرار ولا يجوز شرعاً ولا منطقاً أن تتحمل بطونهم أوزارها، وإذا بحثت عن السبب لا بد أن تجد التراخي الرقابي حاضراً يطل بقرونه. من جانب آخر، هناك واجب على جهات أخرى خصوصاً الحملات الأمنية في الاستفادة من هذه “الفرصة”، إذ كشفت أنفلونزا الطيور عن رشح وزكام وارتفاع في درجات حرارة ووهن عظام هنا وهناك.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط