يفرضها القوي على الضعيف، ومحتكر السلعة أو الخدمة على مستهلكها. أما الجهة الحكومية المشرفة، المعنية بجميع الأطراف، فلا تحرك ساكناً. كنت قد أشرت في مقال سابق للوثائق أو العقود التي يفرضها البنك على العميل ليوقع عليها في مقابل خدمات يقدمها البنك مثل بطاقات الائتمان وغيرها، وهي صورة من صور عقود الإذعان الشائعة. ولم تتحرك مؤسسة النقد لإعادة صياغة هذه العقود، وصولاً لمستوى أفضل من العدل وحفظ حقوق الطرف الضعيف. هو أمر غير مستغرب من “ساما”، عودتنا عليه منذ عقود، كأن تلك العقود صكوك رسمية لا يجب مسها، من هنا لا استغرب ما يَرِدُني من بعض القراء عن كيفية تعامل لجانها مع قضايا “إشكالات وأخطاء” تداول الأسهم بين العملاء والبنوك. الطرف القوي لديه إدارات وموظفون وقانونيون، في حين يدوخ الطرف الضعيف في مشوار طويل من الخطابات والردود، ويتحول الحكم إلى سكرتارية بريد لا أكثر… في جولات كسر العظم.
تأملت خيراً بتوجه بعض علماء الشريعة للتعاون مع البنوك نحو “مصرفية إسلامية”، قلت لنفسي وقتها ربما ان حضورهم داخل البنوك سيؤثر للمصلحة العامة، حتى لا يفترس القوي الضعيف، إلا أن النتيجة هي استغلال أختامهم. وبقيت أحوال عقود الإذعان وغيرها من الفوائد المركبة على ما هي عليه. اعلم أن بعضهم سيقول إنها لم تعرض عليهم… لكن الأختام تستخدم في الإعلان بجوار شعار البنك حتى لو كانت لبرنامج محدد.
وزارة التجارة مدعوة لمبادرة للإنصاف وحفظ الحقوق، إذ تصاغ تلك العقود من قانونيين من موظفي أو استشاريي الطرف الأول (الشركة أو التاجر)، لذلك تصبح اليد الطولى للطرف الأول، وتكون مهمة الطرف الثاني التواقيع… هنا وهنا… الخ.
على سبيل المثال، من هذه العقود ما تفرضه شركات ووكالات السيارات، ومنها نموذج عقد التأجير الطويل الأجل، يوقع الطرف الضعيف على تسلم سيارة ومعاينتها والتأكد من سلامتها وهي في “الحوش” هناك بين أرتال السيارات، عليها طولها من أكوام الغبار، يوقع الطرف الضعيف أنها سليمة وغير ذلك من شروط عدة تبدأ بـ “لا يحق”، و “لا يسمح” و “يتحمل” و “يلتزم”، وكلها على ظهره. وإيراد أمثلة لبنودها أمر لا تسمح به مساحة الزاوية، وهي ليست قصراً على عقود وكالات السيارات، بل ينطبق الأمر أيضاً على عقود شركات التأمين، ولها في هذه الفترة حاجة واضطرار يعرفه رجال الأعمال حق المعرفة.
الواقع يقول إن تلك العقود تكتب والطرف الثاني بعيد عنها، ومصلحته في ذيل القائمة، فلا يمثله احد عند صياغتها. والمطلوب وقفة إنصاف وعدل من جهات حكومية معنية ومسؤولة عن المجتمع كله.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط