قرابة عشرين عاماً وهو معوق بـ “شلل نصفي” بسبب حادثة مرورية. اعرفه طموحاً منذ كان صغيراً. خلال تلك السنوات عاش صعوبات مع وضع مُرٍّ وجد نفسه فيه، إلا انه راض بقدر الله تعالى. أيضاً هو يجتهد في البحث عن عمل يعينه مع راتبه التقاعدي على حاجات أسرته الصغيرة. المشكلة أن من لديه راتب تقاعدي لا يسمح النظام بتوظيفه. أتحدث هنا عن وظائف صغيرة يعين دخلها البسيط على الحياة الكريمة. وظائف قد لا يرغب فيها الشباب، إما لطبيعتها أو لقلة مداخيلها، لكن النظام يمنع. هو نموذج لإخوة آخرين من الكبار المعوقين حركياً، ينتظرون مبادرة لإصلاح الأنظمة. وهم يترقبون أيضاً تفعيل جمعية كبار المعوقين حركياً، وهي المعنية بالإعاقة النصفية والرباعية، يحلمون باحتضانها بسرعة تليق بمعاناتهم لتحاول الهمس بأصواتهم. معروف أن غالبية المعوقين من الصغار على تعدد أنواع إعاقاتهم لديهم جهات تعنى بهم. لكن الكبار ضائعون.
معاناة هذه الفئة من المعوقين حركياً لا تنتهي عند هذا الحد. يذكر الرجل قصصاً عن المستشفيات، وكيف أن بعض العاملين فيها لم يألفوا التعامل مع حاجات المعوقين، ربما لم يتدربوا أو أنهم مشغولون بكثرة المراجعين، في أكثر من موقف يتذكره كان الرجل مضطراً لقضاء حاجة بشرية ماسة نضطر لها جميعاً، فتشاور الأطباء لإجراء جراحة له!
كلما مررت ببعض الطرق الطويلة وحتى داخل المدن أشاهد بقايا حملة “يكفي” المرورية، بقي لوحات متناثرة بخطوطها الحمراء وعباراتها الطويلة أحياناً، التي لن يستوعبها من يسير بالسرعة المعلنة، نحن بحاجة إلى أكثر من “يكفي”، وأكثر من كفاية نحن بحاجة إلى “خلاص” لمواجهة أخطار حوادث المرور اليومية، واعتقد ان بالامكان توظيف بعض المعوقين بسبب حوادث مرورية للتوعية، متى ما تمت إدارة البرنامج التوعوي بصورة إعلامية محترفة، ليس هناك اصدق ممن يعاني حقيقة المعاناة، إذا رأيت بعض السائقين المتهورين وأسلوب تعاملهم مع المركبة والآخرين تعلم علم اليقين انه لن ينفع لإيقاظهم من غفلتهم سوى صورة حية من الواقع، وهم ليسوا من فئة صغار الشباب فقط، بل من كل الشرائح العمرية، معظم هذه الفئة تقود سياراتها وهي تنظر من “دربيل”، لا تعي ما حولها، طريقها سالك دائماً مهما كان مزدحماً، الإشارة الصفراء بالنسبة لهم ليست فرصة للوقوف السليم بل لمزيد من السرعة، وترك فراغ للسلامة بينك وبين المركبة التي أمامك هو بالنسبة لهم مساحة لحشر سياراتهم فيها، لنضع في أذهانهم دائماً ما يمكن أن يحدث لهم.. من واقع يعيشه بعض إخوة لنا.. لنحقق أكثر من هدف بإجراء واحد.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط