الرهينة

لو قُدِّر للدولة الصهيونية أن تقدّم جائزة إسرائيل العالمية… فمَنْ ترشح لها يا ترى؟ أليس بعض الساسة الفلسطينيين في أعلى قائمة المرشحين؟ تمكّن القابضون على مقاليد السياسة في أرض السلطة الفلسطينية من الطرفين المتصارعين، من تحجيم القضية، حصرت في صراع على السلطة بينهم. تمكنوا من تحقيق إنجاز لم تتمكن منه إسرائيل… مؤكداً أن ذلك تم برعايتها وتلاعبها، هي أستاذة السياسة في بحر من صغار التلاميذ.
وتحول سكان أرض السلطة الفلسطينية إلى ما يشبه الرهينة، خصوصاً في قطاع غزة، حراسُهم سجانُهم… يقيدونهم ويبكون معهم، وهم، مجتمعين، سجناء للقوى المتصارعة المباشرة منها والمغذية من الخارج، وكل يدّعي وصْلاً بليلى وهي تموت من الجوع والمرض. وضْعٌ مخزٍ للقائمين عليه ممَّن بيدهم حلحلة السجن والحصار، من الطرفين… فيما يقهقهُ الطرف المهيمن على الأوضاع.
ومع العلم بجذور المشكلة السياسية داخل الدائرة الفلسطينية، وبذرة شيطانية رعتها الدولة الصهيونية وأسهم كل طرف فيها بجهوده وعلى طريقته. ففيما فشل «عباس» بامتياز كما كان متوقعاً فشلت «حماس» في أن تكون أكبر… في أن تراعي المواطن الفلسطيني البسيط الضعيف، صارت أداة من أدوات اللعبة فكانت الرهينة… هي من تعلن كل لحظة عن المطالبة بحقوقها.
تلاشت قضية فلسطين فأصبح من المعتاد سماع أخبار عن تنسيقات بين أهل السلطة والساسة الإسرائيليين وصراخ من قادة «حماس» وبكاء مئات النساء والأطفال.
لم تكن قضية العرب والمسلمين يوماً من الأيام أكثر ضعفاً وهشاشة منها اليوم، وأقل جذباً للتعاطف ليس من الغرباء، بل من العرب والمسلمين – أهل القضية وحضنها -، لم يكن لهذا أن يتم لو لم تشارك فيه أيادٍ فلسطينية.
الحدود العربية مع أرض السلطة هي الأكثر منعةً صارت سداً محروساً ببنادق عربية، فأصبح البحر والمبادرات لجماعات وتجمعات بدأها نشطاء غربيون هي الحدث الأبرز، وسط العناد «الفلسطيني – الفلسطيني» والضحية هم الضعفاء.
وفي جولة لقناة «الجزيرة» مع بعض سكان غزة اتفق معظمهم على أن هذا العيد كان أتعس عيد مروا به منذ زمن بعيد. أما الحالة الاقتصادية فصوَّرها أحدهم، وهو يتحدث عن الأسواق قبل عيد الأضحى، مشيراً إلى أن من يراهم المراسل من المتسوقين يأتون ليتفرجوا على بعضهم البعض لا غير… من ضيق ذات اليد وشح المعروض بفعل الحصار الظالم… والعناد.
والذين فُطِموا على القضية الفلسطينية منذ أيام «ادفع ريالاً تنقذ عربياً»، في حيرة… هل نحن مسؤولون عمّا يحدث؟ في الحقيقة نحن معنيون به لكن المسؤولية الأُولى تقع على أهل السياسة الفلسطينية من الطرفين المتصارعين للاستئثار بالسلطة، ولو كانت دولة فلسطين قائمة لرأينا حرباً أهلية شرسة ولروِّجت لها أسباب «شريفة»!
أثبت المتصارعون على السلطة في فلسطين فشلهم! فالقضية أكبر منهم ومن طموحاتهم، وآن لهم جميعاً الرحيل، فالقضية في حاجة إلى جيل جديد أقل تلوثاً ممن يُؤْثِرُون أكثر مما يَستأثِرُون.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على الرهينة

  1. سليمان الذويخ كتب:

    هنا وقفة مع هذه الكضية
    اوافقك الرأي تماما ان القادة الفلسطينيين خدموا عدوهم الاسرائيلي بشكل غير مسبوق
    المشكله انهم يقذفون الحكام العرب باوصاف لا تليق الا بهم..
    فالحكام العرب خونه !! وهذا من با رمتني بداءها وانسلت !
    والا كيف يكون الحكام العرب خونه وهم لا علاقة لهم مباشرة بالكيان الغاصب!؟
    هل سمعنا ان حاكما عربيا قام بتسليم السجناء في سجون السلطة والمطلوبين للعدو !!؟
    ابدا لم نسمع ولا شأن لهم ايضا بذلك؟
    هل سمعنا ان حاكما عربيا بنى فنادق 5 نجوم في اغلى العواصم وهو لم يستلم الا منصب وزير ولمدة لم تتجاوز السنتين؟!!
    من اين له ذلك ؟ او من اين لك هذا ؟ او من اين هذا له ؟ لافرق!
    اليس الاعلام العربي يتاجر بهذه القضية ويوظف الموظفين الفلسطينيين ليكون هناك خبر اساسي مكرر كل يوم عن الفلسطينيين .. مجاملة واعلانا اننا لم نتخلى عن القضية !!
    الا يسد النفس ان نرى العجائز في الشوارع تشتم الحكام الخليجيين وتتهمهم وتمجد ببعض الحكام العرب المتاجرين بقضيتهم !!!
    منذ الصباح الباكر الى ان ينام الناس والاعلام لا يرينا الا عجائز وناس غلابه مقهورين ومضطهدين من قبل جلاديهم ويشتمون ويرفسون الأيادي التي تمتد لهم بالمساعدات !
    ما ذنب الحكام العرب واقصد بالتحديد الخليجيين لأن غيرهم يدعم بالكلام والخطابات الثورية والبقرية !!! قاذفا او مبشرا او مباركا لموقف او متصادما مع واقع او محافظا على موقف او مزينا موضوعا او فالقا او غير ذلك :)
    لكن ما قمنا به اعتبرناه واجبا ولكن ساعي البريد رأى ان يستثمرها لهؤلاء الغلابا
    فحولها باسمه وفضل لهم حياة الزهد ..
    خلاصة القول اننا لو تركنا الفلسطينيين وقضيتهم منذ زمن لكانوا الآن بحال احسن
    فقادتهم الآن يخوضون حروبا بالوكالة وعدوهم مبسوووووط للآخر ..
    ولا يتصور احد ان قادتهم يريدون ان تنتهي القضية …
    فمكاسبهم من بقاءها معلقة اكبر بكثير من ان تحل فيلتفتوا لمحاسبة بعضهم وشاهد الحال خير من الف مقال !

التعليقات مغلقة.