الطائر الغريب

نشرت صحيفة «اليوم» السعودية خبراً عجيباً، تناقلته المنتديات، يقول إن طائراً غريباً رافق عملية نقل جثمان لمسافة 350 كيلومتراً، حيث توفي مواطن سعودي – رحمه الله تعالى – وصُلّي عليه في الحرم المكي، وعند نقله إلى مسقط رأسه في قرية في محافظة مهد الذهب لاحظ المشيّعون طائراً غريباً يحاول الدخول إلى عربة نقل الأموات، ثم رافق نقل الجثمان للمسافة المذكورة أعلاه، بل وحطّ على رأس المتوفى ولم يفارقه حتى مواراة الجثمان القبر ثم طار حتى توارى عن الأنظار.

ولستُ هنا في معرض تكذيب الخبر أو تصديقه. أقف على مسافة واحدة هنا ومعي أدوات التصديق أو التكذيب. في تقديري أن الإنسان يجب أن يكون منفتح الذهن، من حيث إمكان حدوث حوادث غريبة، لا يجزم بشيء من تصديق أو تكذيب إلا بدليل، لذلك لا بدّ من أن يتفحص ما يقرأ أو ينقل له، فإذا كان عن حادثة غريبة مثل تلك وخالطته شكوك قد يراها بعض من الناس مجتهدين أنها تطال الإيمان يعود هنا إلى العقل الذي أمرنا بالعودة إليه. ومشكلة هذه الأخبار أنها تقوم غالباً على نقل يعتمد على صحة الرواية لا غير.

والعجيب أن الطائر الغريب رافق المشيعين كل هذه المسافة التي تحتاج إلى ساعات طوال ولم يصوره أحد، في عالم آخر يجري تصوير فيلم وثائقي عنه، مع توافر كاميرا الهاتف الجوال يبحث الناس عن شيء يصورونه، إذا لم يجدوا حادثة مرورية افتعلوا أخرى! وانظر للخبر من الناحية المهنية الصحافية، لأن نقل الأخبار ونشرها على علاتها خطأ سار به صحافيون والأمثلة كثيرة، فعندما يمس الخبر الإيمان واليقين يصبح نقاشه محذوراً لدى البعض، لأن إفهام الناس وإدراكهم يختلف، مع أنك عندما تصدق كل ما تقرأ أو ما تسمع، تقوم في الحقيقة بتأجير عقلك وإدراكك كـ «شقة مفروشة»، فتصبح هذه الشقة مسكناً لمن غلب بالرواية.

كان على جريدة «اليوم» أن «تكمل خيرها»، وتنشر صوراً. وفي هذا الجانب أتذكر أخباراً مشابهة من حيث الغرابة ومخالفة للسائد، ثبت بعد فترة من نشرها في صحف محترمة أنها غير صحيحة، منها خبر نُشر قبل سنوات عن نسر عملاق اختطف مولوداً من بين أهله المتنزهين في الرياض، وثبت أن لا صحة لهذا الخبر ثبوتاً رسمياً. وخبر آخر نشر عن عجوز رماها ابنان لها، عقوقاً فيها، عند مرمى القمامة بجوار أحد المستشفيات أيضاً تبين أن لا أساس له من الصحة. في كلا الحالتين اضطرت الصحيفتان إلى الاعتذار.

لأن الصحافة ليست صفحات للسواليف، فإما تصدق أو يصبح مشكوكاً في إيمانك بالمعجزات ومن أكبر المعجزات عقل وهبك الله تعالى إياه لتعقل وتتفكّر.

في انتظار بلوتوث أو مقطع ينتشر عن حادثة الطائر الغريب لنراها رأي العين… أشدّد على دور المهنية في ما يُنشر، بحيث يكون الخبر الصحافي متكاملاً، فإذا لم تتوافر صورة مثلاً فهناك شهود عيان كان من السهل أن تؤخذ إفاداتهم وتنشر صورهم ليقف الخبر الصحافي على رجليه ويطير، وإلا ما الفرق بين الصحيفة وبين استراحة يمدّد فيها الصحب أرجلهم مع ألسنتهم؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

11 تعليق على الطائر الغريب

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    (هوقائد ناجح – يقود السفينة كربان ماهر – يمتطي صهوة النظريات الحديثة – يمارس سلطاته دون اجحاف – شديد في غير عنف – لين في غير ضعف – حرمه تقول انه لايصدر قراراته الا بعد تمحيص ودراسة مستفيضة – اذا اصدر قرارا لايتراجع عنه مهما كلف الثمن – تستفيد من اعماله وتجاربه وخبراته الدوائر الحكوميه – يركب سيارة قرنبع موديل ابو رفزة – المطوفون يطلقون عليه جابر عثرات الكرام – تنساب الدموع على وجنتيه عندما يطمئن ان الحجاج جميعهم ادوا مناسكهم – تلهج الالسن بالدعاء للاستاذ بطول العمر وان يسر ناظريه بذريته – هو عميد المطوفين – عندما يأتي ذكر الوطن تراه في اول الصفوف) استاذي الفاضل هذه مقتطفات من ملحمة عفوا مقالة كتبت في احدى الصحف لدينا بحق رئيس احدى مؤسسات الطوافة وان تفضلت علينا في رأي سعادتكم ايهما اقرب للمنطق هي اما قصة الطيروفي كلتا الحالات مادام ان المقالتين صدرت في خلال موسم الحج اذا ينطبق عليهما المثل الذي يقول ( حج وبيع سبح) تحياتي وتقديري ,,,,

  2. محقق كتب:

    ظهر مقطع مصور في اليوتيوب لهذا الطائر وهو على جسد الميت ، ويظهر الطائر يحرك راسه مع تلاوة القران ، ابحث عنه في ذلك الموقع

  3. cat كتب:

    لماذا التعجب ؟؟؟؟؟؟
    * نحن شعب طول عمرنا نعيش على الرواية
    وسياستنا (صدق اولا تصدق…. ) حسب ماتشبعه الرواية لدينا

    *((لأن الصحافة ليست صفحات للسواليف، )) بل هي عندنا صفحات للسواليف

    * شاهدت المقطع فيyoutube ولكن المشهد لايبدو واضحا تماماً .

    ولك كل التقدير

  4. سليمان الذويخ كتب:

    قريت عنه اليوم في احد المنتديات

    لا اكذب ولا اصدق وهذي وجهة نظري المتواضعه اسطرها لك:

    ربما كان له في ما مضى فضل عليه
    او يكون الطير موصى بدعاء من بنيه
    او به خير فساق الله ذا الطير اليه
    كي يرى الناس علامات لما آل اليه

    شكرا لك وربي يرزقنا واياك والمسلمين حسن الختام

  5. سليمان الذويخ كتب:

    رابط اليوتيوب ولا اظن الموضوع يستحق كل هذا والله اعلم

    http://www.youtube.com/watch?v=66EoCYix2cY&feature=related
    وفيه مقاطع اخرى

  6. ابو محمد كتب:

    يوجد مقطع فديو للطائر على الجنازة وهذا الرابط..

    http://www.4msk.com/up/ta2r.mp4

  7. عبدالله كتب:

    ذكر” الذهبي”المتوفى سنةـ748ـ هـ ـ في كتابه{ سير أعلام النبلاء}.الجزء[17]صفحة[373]،في ترجمةالمتوفى سنة”419″هـ مانصه.{ فكان الحفل في جنازته عظيما.
    وعاين الناس فيها آية من طيور شبه الخطاف (1) – وما هي بها – تخللت الجمع رافة فوق النعش، جانحة إليه، مشفة إليه، لم تفارق نعشه إلى أن ووري، فتفرقت، وتحدث الناس بذلك وقتا…}.إنتهى,.

  8. سعيد المالكي كتب:

    استاذي الكريم عبدالعزيز السويد
    هذه الرواية وامثالها كثير … تتناولها الألسن بين فترة وأخرى …. تدل دلالة قاطعة أن هناك مشكلة حقيقية في مجتمعنا ….
    فقد أصبحنا عاطفيين … لدرجة يمكن النفاذ من خلالها (العاطفة) الى عقولنا وقلوبنا والاستيلاء على تفكيرنا …. ومن ثم يبدأ كل صاحب هدف بتنفيذ أهدافه ….
    عندما تتعطل العقول وتسود لغة العواطف … تكثر مثل هذه القصص والروايات
    الموضوع شائك ومعقد لكن .. في فهم مثلكم كفاية لما تم أيجازه

  9. سليمان الذويخ كتب:

    الاخ عبد الله رجاء مشاهدة مقطع اليوتيوب
    ما ذكره الذهبي من طيور تشبه الخطاف يختلف عن محل الخبر هنا!
    كل ما في الامر عصفور دخل سيارة مغلقة وتركوه استئناسا به وترك محاولة الخروج !
    ظننت بادىء الامر ان الطير يتابع السيارة طائرا طوال هذه المسافة الطويلة

    شكرا لكم جميعا

  10. طير شلوى كتب:

    ما ردك الآن يا أستاذنا السويد على تأكيد الواقعة بالفيديو والخبر من مصدره وشهادة ابنه وبعض اقارب المتوفى أظن أنك الآن قد أفقت مما وضعت غيرك فيه من حيرة من متابعي زاويتك نرجو أن يكون الرد متعقلاً هذه المرة …

  11. منى كتب:

    صراحة لما قريت المقال في الجريده بعد عودتي من السفر
    رايت ان طلبك ياستاذي انه غير منطقي ولكن رايت في ردود الاخوه ما يشفي رمقك ورمقي ..

التعليقات مغلقة.