النجار هذه المرة هو الإعلامي، كل عامل في الإعلام، صحافة وإذاعة وتلفزيون، الجزء الأكبر من هؤلاء هم من النجارين أصحاب الأبواب المخلّعة، وكلما نزلت من أعلى إلى أسفل في السلم الإعلامي ازداد عدد الأبواب المخلّعة، وهم آخر أناس يستفيدون من الوسائل التي يعملون بها في عرض قضاياهم العملية وأوضاعهم الوظيفية، فالصحافي لا يستطيع أن يكتب عن معاناة له، لا في صحيفته ولا في صحيفة أخرى. هناك “عرف” تم الاتفاق عليه من غير تصويت أو انتخاب، والإذاعي والتلفزيوني ينطبق عليهما الوضع نفسه، ويلجأ معظمهم إلى الانترنت أو إلى مطبوعات هامشية لبث همومه، على رغم أنهم جميعاً يعملون يومياً على بث هموم المجتمع بكل قطاعاته، وهنا لا أقصد القضايا الشخصية والكيدية وقضايا “عدم الاستمزاج” في الإدارات الإعلامية وهي أكثر مما نتصور. وانسحب هذا الوضع، أي عدم النشر وطرق هذه الأمور على جهاز التلفزيون والإذاعة، لذلك فاجأتني جريدة “الحياة” بنشر شكوى بعض العاملين في التلفزيون السعودي من أوضاع تأمينهم الصحي مع الشركة الجديدة. هذا النشر دعاني الى التفاؤل بمقدم الوزير الجديد مع الخلفية الإعلامية والثقافية التي نعرفها عن معاليه فقلت في نفسي: هي مرحلة جديدة لعل فيها فائدة للإعلام الرسمي المتأخر لدينا، لأن عدم النشر عن أوضاع التلفزيون والإذاعة وأحوال العاملين فيهما مجاملة لوزارة الإعلام، أدى إلى تخلفه عن الركب الفضائي، فأصبحت قضايا مجتمعنا تطرح في قنوات خارجية بعضها تجاري وبعضها مسيس، وأصبح أكثر المشاهدين المشاركين في تلك الفضائيات هم من شباننا وشاباتنا، والسبب بقاء الحال على ما هي عليه. وعدم النشر أو التخفيف منه دفعا لسطوة الجهة الرسمية، حتى إنك لا تجد في صحافتنا نقداً لبرامج التلفزيون والإذاعة، فهناك هدنة شعارها “اسكت عني واسكت عنك”. وإذا نظرنا من منظور المصلحة العامة فإن في ذلك ضرراً كبيراً نعيش واقعه الآن، لقد أدت هذه المجاملات المحسوبة إلى “زوغان” أعين المشاهدين وآذانهم عن وسائل إعلامنا الرسمية إلى وسائل أخرى، وعدم تطورها، وحفلت الانترنت بنشر الغسيل الصحافي.
وأسمع كثيراً من الأمور الطيبة عن وزير الإعلام الجديد منذ أن تولى زمام الامور، ولعله يلتفت إلى هذا الشأن فيزيل عن الصحافة حذرها من الوزارة، وفهم بعض القائمين عليها أن طرح الآراء عن البرامج والخطط الإعلامية ونقدها هو نقد للوزارة وللوزير، ولعل ما نشرته “الحياة”، على رغم كونه موجهاً ضد شركة، القطرة الأولى لإصلاح الإعلام فيبدأ بالمبادرة بدلاً من استمراره في موقع رد الفعل الارتجالي. أقول لعل وعسى.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط