“الضرس الأعلى”

أكتب هذا المقال اليوم الجمعة لأنه إجازة رسمية في بلادنا. الجهات الرسمية لا تحرك ساكناً في أيام العمل، وستكون تلك الجهات في حال سكون تام هذا اليوم المبارك، ومن باب “التداوي بالداء”.
ثم إن هذا اليوم هو عيد الأسبوع لنا نحن المسلمين، وفيه ساعة استجابة من المولى القدير، الوارث، رب السموات والأرض، أدعوه فيها جل وعلا أن يصلح أمورنا جميعاً العامة والخاصة… آمين.
واليوم الجمعة هو يوم عمل في بلاد الصين بسورها العظيم، أحد الشواهد على تاريخها العريق، وهو سور كان الهدف من بنائه حماية الإمبراطورية الصينية من غزو قطاع الطرق. ولذكر السور العظيم سبب هو الحماية، وهنا أتوجه للحكومة الصينية ولوزارة تجارتها وصادراتها، بأن تعيد النظر في مقالي الذي كتبته في هذه الزاوية في العشرين من الشهر الماضي بعنوان “الحماية ولو من الصين”، وأطالبها بحق المستهلك لبعض منتجاتها والمحترم لتاريخها العريق، أن تطور من إمكانات هذا السور بحيث يمنع عنا المنتجات الرديئة التي تصدر لنا من تجارنا وبطلب منهم من أسواقها ومصانعها. وأنا مثل كثير غيري معجب بالحضارة الصينية وبالنمو المشهود في صادراتها واقتصادها، كما أنني معجب بالحكمة الصينية، مثلما أنا عاتب على سماح هذه البلاد العظيمة  لبعض التجار السعوديين أن يسيئوا لها ولتاريخها، لأجل زيادة هامش أرباحهم، ضاربين عرض الحائط وطوله وسقفه بحقوق المستهلكين.
وأعتبر الأصدقاء الصينيين مثل النمل في النظام والدأب على العمل ودقته، أما نحن فما أقربنا من “عصافير السدرة”، لدينا كلام كثير عن الاستراتيجيات والأنظمة والنيات الحسنة. ولأنه لم يتوافر لي من تفاعل صيني يذكر مع مقالي السابق وجدت أنه من الواجب علي إعادة التذكير به. الملحق التجاري الصيني في سفارة الصين في الرياض كان رجلاً شجاعاً عندما وضع النقاط على الحروف وكشف علناً ما كان يتداول بين المستهلكين من أن التجار السعوديين المستوردين هم الذين يطلبون من المصدرين خفض جودة السلع، ولا بد من أنه كسب بعض الأعداء بسبب هذا التصريح الصحافي، وربما يجتهد بعض هؤلاء لوضعه في دائرة غير المرغوب فيهم، ولم تحقق جهة واحدة في هذا الموضوع، وربما يصدر بيان نفي قريباً.
والمثل الشعبي يقول: “ضرس أعلى يأكل ولا يؤكل عليه” وهو ما ينطبق على بعض المستوردين لدينا، الذين لم يتطوروا، على رغم أن محلاتهم أصبحت ضخمة، لأنهم هم من يراقبون أنفسهم من خلال غرفهم التجارية، أما الجهات الرسمية فهي في إجازة اليوم.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.