“بطر” البنوك

يحق للبنوك السعودية أن تصاب بـ”البطر” فهي تحقق أعلى الأرباح في كل تعاملاتها، وهي مدللّة إلى حد أنه لو دخلت بنوك أخرى إلى السوق ستصاب “الدوخة” وستصرخ بالصوت العالي طالبة عجينة “سيريلاك” التي تعودت عليها، وفي كل ربع سنة نقرأ عن النسب المرتفعة لأرباحها، لهذا من حقها أن تصاب بـ”البطر”. ولهذا “البطر” وانتفاخ الكرش المتضخم أسباب كثيرة، كلها أحصرها في الدلال الذي نالته وتناله من مؤسسة النقد العربي السعودي، فحتى سوق التأمين أدخلت فيها البنوك، لذلك لم أستغرب الخبر الذي نشر في الصحف عن رفض أحد البنوك في حفر الباطن فتح محافظ استثمارية في الأسهم لمواطنين بأقل من ربع مليون ريال وقيل مائتا ألف ريال، وعلى هذا المنوال يظهر أن البنوك أصيبت بالعمى من كثرة الأرباح، وهي تعتقد أن المواطنين شركاء لها في تلك الأرباح فلا بد في هذه الحال من أن يتملكوا الملايين. ومن دلال البنوك أنها تبيع وتشتري في الأسهم من خلال صناديقها وتحصل على معلوماتها قبل الأفراد، وهي أيضاً تأخذ في “الطالع والنازل” مثل المنشار في كل عملية. ولو قيل لك إن أحد تجار الجملة لسلعة من السلع ينافس تجار التجزئة بل ويحكم عملياتهم من خلال دكاكينه، ويمنعهم من البيع إذا انخفض السعر ليتمكن من بيع مخزونه، لقلت إن هذا ظالم ولا بد من إيقاف ظلمه. البنوك في بلادنا العزيزة تقوم بمثل ذلك وأكثر و… بحسب النظام!؟ بل إن التشريعات الجديدة دائماً ما تضع مصالح البنوك في أولوياتها، بل إن بعضها وقبل أن يقر يعرض عليها إذا ما كانت تشرع لأمور مالية بدعاوى الخبرة، لذلك لم نجد حتى الآن أثراً يذكر لفتح فروع لبنوك أجنبية في سوقنا، ولن نستغرب لو أصيبت تلك البنوك الجديدة بفيروس الدلال نفسه.
وإذا ما قارنت أرباح البنوك بخدماتها الاجتماعية للمجتمع الذي تنهل منه الأرباح ستحصل على نتيجة مقدارها صفر مكعب يهون عنده صفر شركة الاتصالات “طيب” الذكر، إنه مستوى يذكرك بأغنية شعبية قديمة تقول: “تحت الصفر بأصفار”.
وفي الأسبوع الماضي نشرت إحدى الصحف تصريحاً لمدير شركة “سمة” عنوانه “2.4 مليار ريال حجم ديون البنوك السعودية على الأفراد من القروض الشخصية وبطاقات الائتمان”. وانتظرت أن يصدر تصحيح لهذا الرقم وللخبر لأنه عار من الصحة ولم يصدر شيء حتى كتابة هذا المقال، وإذا لم يصحح سأعتمد هذا الرقم على ذمة شركة “سمة” وهي للعلم شركة تملكها البنوك.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.