كان المنتخب الألماني في موقعته الشهيرة مع منتخبنا الوطني سبباً في عزوف الكثيرين من أمثالي عن متابعة كرة القدم، تركنا المتابعة والمتعة والمشاهدة، فقد تم “سد أنفسنا” بامتياز، وبصناعة ألمانية ثقيلة موجعة، واسترحنا مع غصة كبيرة وتدثرنا بالحكمة القائلة “كم من حاجة قضيناها بتركها” استطاعت الكرة الألمانية صرف الكثيرين عن متابعة رياضة كرة القدم محلياً و”منتخبياً”، وانتعشت الفضائيات الناقلة لدوريات أوروبية ايطالية وإسبانية وغيرهما، وأصبح الشباب السعودي خبيراً في تلك المنافسات. الجمعة قبل الماضية انضممت متأخراً لمشاهدة مباراة المنتخب السعودي مع نظيره الكويتي، قد يكون السبب هو التنافس التقليدي بينهما، ربما لست أدري، وصلت إلى شاشة التلفزيون مع خلل الكهرباء الذي أصاب الملعب، وانتظرت طويلاً حتى يتكرم سعادة المعلق على المشاهدين ويخبرهم بالحدث، كان مشغولاً بملء الهواء بأي كلام، وبعد انتصار المنتخب السعودي مستوى ونتيجة، رأيت تباشير ألمانيا فتذكرت ألمانيا، وقررت الانتظار إلى نهاية الأسبوع حذراً واحتياطاً، فكان الفوز على أوزبكستان والتأهل إلى المونديال، فهل قرر شباب المنتخب السعودي مصالحتنا، هل عزموا على إعادة النضارة إلى وجه الكرة السعودية، وهل سيتمكنون من تجاوز فخاخ سقط فيها من قبلهم لاعبين ومدربين وإداريين.
تزدحم الصفحات الرياضية هذه الأيام بمقالات الإشادة والتمجيد والتهاني، وستظهر لنا ألقاب جديدة للاعبين الشباب ممن ظهروا بمستويات جيدة، ألقاب معظمها هجومية، تستخدم السهام والصواريخ والجرّافات!
للجميع حق الفرح والابتهاج، لكن الشحن العاطفي المبالغ فيه الذي تمارسه وسائل الإعلام وفي مقدمها التلفزيون السعودي له تأثيرات عميقة، قد لا نتصور امتداداتها، لا على الشباب الذين نقلونا إلى ألمانيا فقط – ونحن ما زلنا محملين بألمانيا – بل على المجتمع، إنني أدعو إلى شيء من “الركادة”، وبعض الاتزان، لا يمكن أن تقوم بشحن الشباب ثم تمنعهم من الخروج إلى الشارع، لا يمكن أن ندعوهم بالأغاني والأناشيد إلى الافتخار بكونهم سعوديين ثم لا نتوقع منهم تصرفات سلبية بحق الآخرين، لماذا لا ندعوهم ليفتخروا بأنهم منتجون، خيّرون؟ لماذا لا نحثهم على الفخر فقط إذا ما كانوا منضبطين مضيفين لوطنهم؟ ألا يمكن استثمار إقبال الشباب من الآن وحتى نهاية تصفيات المونديال على البرامج الرياضية لنزرع في نفوسهم قيماً حقيقية؟ فيتعلمون كيف يصبحون مبدعين وأن الفخر حق لهم بقدر ما يقدمون من عمل مفيد للوطن، هذه دعوة لرئاسة الشباب ولوسائل الإعلام.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط