تتزايد الأخبار عن القبض على سحرة جدد، فصحف تصف بعضهم بالأكبر أو الأخطر، جريدة “الحياة” نشرت عن الغواصين في جدة الذين انتشلوا أعمالاً سحرية من شواطئ العروس، ليست هذه هي المرة الأولى، يحدثني صديق من أهل جدة أنها تكاد تصبح مهنة موسمية لبعض الغواصين هناك، لكن هنا في الرياض وفي الصحاري من الذي يستطيع الغوص في الرمال؟ أخبرني أحد الأصدقاء “الكشاتة” أنهم وجدوا مرة أعمالاً سحرية مزروعة في “ضب” حي يرتع في الصحراء، وشاهدت مقاطع مصورة في جريدة الوفاق اللإلكترونية تصور مشاهد مثيرة من بيت من وصف بأنه أكبر ساحر في الرياض، كان الأبرز هو تحذير وضعه في المدخل يهدد فيه من يصور بدفع الثمن غالياً، ولو شاهدتَ صورة الساحر الباكستاني الذي قبض عليه في مدينة المجمعة، وصادف أن التقيته قبل حادثة القبض، لربما قدمته للإمامة بك للصلاة!
هناك خلل اجتماعي كبير يعيشه مجتمعنا، وأرجو لا نقفز على مواجهته برمي مسؤوليته على الوافدين، وفي تقديري المتواضع أن مجتمعنا وخلال عقود ماضية تلقى أكبر جرعات الوعظ والحث على الاستقامة، وكان هناك تركيز كبير على عقيدة التوحيد، في ظل تلك الاكتشافات لا بد أن نتوقف ونراجع أنفسنا ونطرح سؤالاً يقول لماذا تكثر أعشاش الخفافيش القذرة تلك في بلد التوحيد؟ ولماذا لم تؤثر جرعات الوعظ وكثرة الدعاة في استئصال الأعشاش الموبؤة بالشر، ونشتق سؤالاً آخر من الأول يقول: أين الفجوات التي نفذ منها هؤلاء؟ وكم بقي منهم محصناً لم يتم الوصول إليه، وفي تقديري أن هذه الظاهرة تشير إلى اختناقات واحتقانات اجتماعية، لها أسباب عدة تحتاج إلى باحثين حقيقيين لا يطرحون أبحاثاً لأغراض الحضور الشخصي و”التخدير” الرسمي، مرتكزين على الجملة المصرية الشهيرة “كله تمام يا أفندم”، وأعتقد أن من أسباب تلك الاحتقانات الاجتماعية هو التوجه الاستهلاكي التفاخري للمجتمع، البحث عن المال بأية وسيلة، ومنها أيضاً البحث عن المناصب بأية وسيلة، كما أن لتردي الخدمات الصحية في بلادنا دوراً كبيراً في ذلك، وعلى سبيل المثال تراوح الطب والعلاج النفسي في مكانه منذ زمن بعيد وعدم قدرته على التصدر لعلاج الأمراض النفسية المتصاعدة في مجتمعنا، وركونه إلى العلاج بالأدوية التي تشجع الإدمان بكل ما في هذه المتاهة من ضياع، أما الوزارة المعنية بقضايا المجتمع الاجتماعية فهي قابعة منذ زمن في موقعها البيروقراطي، ففيما مضى كانت صرافاً آليا للضمان الاجتماعي المحدود وبالأسلوب القديم، ثم أشغلت خلال السنوات الماضية باستراتيجية الفقر وخطوطه… وهل هي خطوط أفقية أم عمودية؟ وللحديث صلة.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط