أزعم أن كثيراً منا يعرف من الدين قشرة رقيقة، احتفلنا بالشكل وتركنا المضمون، وسبب ذلك أن المضمون لا يمكن اكتشافه بسهولة، فما في القلب يظل في القلب.
الاحتفاء بالشكل كان أفضل سوق يروّج للأقنعة، لذلك تجد كثيراً من النصابين والمشعوذين يلجأون لعباءة الشكل والهيئة كعادة المزورين والمزيفين، وهذا لا يضر بالشكل، وليس نقداً له بمقدار ما هو نقد الارتهان له، وجعله العلامة الذهبية الوحيدة، وهنا محاولة بسيطة لتحليل الثغرات التي سمحت بانتشار النصب والسحرة في بلاد التوحيد.
عباءة الدين استخدمت في أعمال تزييف كثيرة، منها استهداف العقيدة نفسها، ومثاله حاضر ظاهر في الأعمال الإرهابية التي صدمتكم جميعاً، وهي العباءة نفسها التي استغلت لعمليات نصب مالية، اكتوى بها جمع غفير من الناس وغيرها، كل هذا أمر معروف. في منزل الساحر الذي صورته جريدة الوفاق وفوق أحد الأبواب مكتوب “بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”! وفي الداخل “بلاوي” لا يعلم أثرها وأهدافها سوى الله – تعالى -. الساحر يمكن له استخدام الهيئة والسمات التي نحترمها قناعاً لأعماله الشريرة، وما الذي يمنعه؟ بل هو سيصرف نظر الكثيرين عنه ويكسب ثقتهم.
زعمي أن كثيراً منا لا يعرف من الدين سوى قشرة رقيقة شكلية، يعتمد على دلائل، وبسبب اهتمامي بالشأن الاجتماعي ألاحظ غالباً سلوكيات التعامل بين أفراد المجتمع مواطنين ومقيمين، وقياسها أمر سهل، أكبر وأطول ترمومتر لها هو شوارعنا، سلوكياتنا في قيادة المركبات تخبرنا أننا لا نعطي الطريق حقه، بل أن بعضاً منا يتحول إلى الأذى الذي نؤجر ونثاب على إماطته عن الطريق، كما أنها تخبرنا أن ترسبات قطع الطريق أو”الحنشل” وهذا اسمه الشعبي، ما زال موجوداً، احتمى بالمركبات بدلاً من “البعارين”، وإذا نظرنا إلى التعاملات المالية لبعضنا وهو بعض من كثير نجد “المطل” متفشياً، وأكل حقوق الناس يستسهله كثير منهم، من رواتب العمالة والموظفين إلى حقوق الشركاء والورثة، بل ويسعى بعضهم إلي الإعلان بحثاً عن ضحايا جدد، أسوق هذه الأمثلة حتى لا يقال إنني ألقي التهم جزافاً، ومعلوم أنها ليست من الدين في شيء، ويتكاثر حدوثها في مجتمع يوصف بالمتدين.
قبل سنوات وعندما كنت أعمل في جريدة “الاقتصادية” حصلنا على قصة لسيدة كريمة تعاني من الأرق، استعصى عليها النوم منذ فترة طويلة، وضعت السيدة جائزة مالية ضخمة لمن يعالجها، وما أن نشرت القصة حتى انهالت العروض، أصناف وأشكال من مدعي العلاج بكل أنواعه إلى طالبي الزواج، معظمهم تقطر “سعابيلهم”، من داخل وخارج السعودية، كانت مصيدة ولا أفضل لو كانت مثل حملات هذه الأيام قائمة ولكن… إلى الغد بعون الله تعالى.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط