قضية نايف وحميدان

ما زلت على اعتقاد بأن الجهات الحكومية المعنية بالمواطنين في خارج المملكة لا تقوم بعملها كما يجب، والحديث اليوم ليس عن السياح والزائرين بل عن الطلبة والمعتقلين، الذين يساء التعامل معهم كونهم مشتبهاً فيهم، وكذلك من تمت إدانتهم بحسب القوانين الأميركية. وقضية المواطن السعودي حميدان التركي المسجون في الولايات المتحدة الأميركية قائمة الآن، لكننا لا نسمع صوتاً للجهات المعنية، ولا لجمعية حقوق الإنسان، إضافة إلى الجامعة التي ابتعثته، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، جهات كثيرة لو تضافرت جهودها لاختلف واقع الحال، ويظهر لي – والله أعلم – أن بعضها يعتمد على بعض، فنصبح أمام “قدر الشراكة”.
وأجد أن الجهود الفردية الشعبية على ضعفها أكثر وضوحاً وأعلى صوتاً، المتطوعون للتذكير بقضايا المعتقلين بالشبهة في الولايات المتحدة أنشط من جهات حكومية، لديها الإمكانات، وهذا من صميم واجباتها.
واليوم سأتطرق لقضية غير سياسية، وهي قصة مأسوية جنائية، قد لا يتعاطف معها البعض، حدثت في الولايات المتحدة بين مجموعة من الشبان السعوديين قبل سنوات، وشغلت الرأي العام السعودي.
أرسل إليّ الأخ إسماعيل أحمد اليوسف والد الشاب نايف إسماعيل اليوسف، رسالة عن حال ابنه نايف في السجون الأميركية، وقصة نايف – لمن لم يتذكر – أنه أحد المشاركين في قضية مقتل الشاب عبد العزيز الكوهجي – يرحمه الله – وهي قصة تألم لها كل من سمع بها، كتب لي الأب رسالة مطولة، أشار فيها إلى أنه لم يكن مهملاً لابنه، بل كان متابعاً لتحصيله العلمي، وسافر أكثر من مرة للعناية به قبل الحادثة، ويشير إلى أنه لظروف دراسية نقل ابنه إلى أكثر من ولاية، ثم أعاده إلى دنفر، فسكن مع شبان سعوديين، يصفهم الأب في الرسالة بأنهم يقلدون العصابات الأميركية، وكان ما كان، قام نايف باستقبال الشاب عبد العزيز الكوهجي – رحمه الله – في المطار وذهب به إلى الشقة التي يسكن بها اثنان من السعوديين، فتمت سرقته وقتله بدم بارد. يقول الأب إن ابنه لم يكن يعلم بالمخطط، الأهم أن نايف مدان، وما زال مسجوناً في أميركا، في حين عاد المشاركان الآخران إلى السعودية، وتم سجنهما ثم عفا عنهما أبو القتيل – جزاه الله كل خير – بعد تدخلات الخيرين وجهود مشكورة من الأمير عبد العزيز بن سلمان.
والد نايف يتفطر قلبه، ويطالب بتدخل الجهات الرسمية لإعادة ابنه السجين إلى السعودية، وأنا أطالب تلك الجهات بالضغط بكل الوسائل للإفراج عن المسجونين السعوديين هناك، سواء في غوانتانامو أو في قضايا مثل حميدان ونايف على اختلافهما.
لا بد من أن يشعر المواطن أن وراءه دولة وحكومة حريصة عليه، فإن كان مخطئاً فلها قوانينها التي تطبقها، وإن كان بريئاً لا بد من حمايته، بمثل هذه الرعاية يتم ري الانتماء والمواطنة فلا تصاب بالتشقق والجفاف.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.