ثانية إلا ربع!

تعمل بعض البرامج الحوارية التلفزيونية التي تستهدف التفاعل مع المشاهدين بحسب المثل الشعبي القائل: “إذا كنت مسافر فواعد عشرة جمالين”، فلا يهم ماذا سيحصل للتسعة الباقين من أصحاب البعارين الذين بكّروا لمساعدتك في الوصول إلى وجهتك، المهم أن تجد عشرة أو اقل في انتظارك، وتختار منهم واحداً، والبقية “بالطقاق”، المثل الشعبي، أعلاه، يلخص واقع الحال، في إشارة إلى عدم اهتمام بالوفاء بالوعود، ناتج من انعدام ثقة متأصل. وبعد أن تفكر في أسلوب البرامج الموجهة لا تستطيع معرفة الهدف… هل هو تحقيق رقم قياسي في عدد المتصلين أم سد فراغ وإنهاء حلقة جديدة، وموعدنا الأسبوع المقبل؟ وفي بداية الأسبوع الماضي اتصل بي الأخوة القائمون على برنامج “تجارب باسم الجهاد – 3″، طالبين المشاركة هاتفياً فوافقت، ولم أعلم أنني واحد من “الجمالين العشرة”، والبرنامج لمن لم يشاهده، هو تقرير عن أحوال بعض ممن تورطوا باسم الجهاد في معسكرات أفغانستان، حيث سردوا يوميات عن تجربتهم في تلك المعسكرات الإرهابية، ونشرت الصحف في اليوم التالي تقريراً عنه.
ومع بداية بث الحلقة وفي منتصف رواية فضيلة الشيخ عبدالله السويلم لقصة نبوية فيها من العبرة الكثير، في المنتصف تماماً قاطعه المذيع لأجل اتصال!! عند هذه النقطة وبهكذا أسلوب لم أستبشر خيراً، وأتوقف لأسجل للشيخ عبدالله حلمه والرفق الذي ازدانت به مشاركته، وأشكره مع بقية الإخوة الضيوف في الاستديو على جهودهم، إذ تجشموا عناء الحضور، ونحن على مشارف منتصف ليلة باردة، لا يهدفون إلا للنصح والإرشاد.
يدفعني إلى إثارة هذا الموضوع أسباب منها مدى فائدة مثل هذه البرامج بصورتها التي شاهدناها؟ وهل بالإمكان أن تكون أفضل لتحقيق الهدف النبيل، وهو نصح الشباب وعرض تجارب إخوة لهم وقعوا في فخ الجماعات الإرهابية، والسبب الثاني أن أتمكن “غداً إن شاء الله”، وفي قناة أحياناً، من طرح رأي لم يسمح لي وقت البرنامج بعرضه، والوقت إذا لم يستخدم بصورة مثمرة في مثل هذه القضايا… فأين يمكن استثماره؟ لست أعلم ما هي البرامج الخطيرة في التلفزيون حتى لا يتاح لها وقت أطول، لمناقشة أكبر قضية يعاني المجتمع منها! ولماذا يتم إنجاز مثل هذه البرامج المهمة بتلك الطريقة “الفنية المبسترة”!؟ هل القضية هي تكملة عدد من الحلقات؟ لست أعلم فخبروني، وأذكر أن قناة المجد أجرت مقابلة مع ذلك الشاب الذي نفذ عملية إرهابية في العراق ونجا من الموت وتم إعادته إلى البلاد، وكانت مقابلة على الشاكلة نفسها لم نخرج منها بشيء يذكر ويفيد في مواجهة الفكر التكفيري، على رغم انها قصة إعلامية مثيرة، لدينا قضايا وتجارب وقصص يمكن استثمارها بصورة أفضل وتحقيق تأثير أقوى… فلماذا ننتهي إلى مثل هذه النتائج؟ أجب عزيزي القارئ في ثانية إلا ربع.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.