لماذا أكثرهم من السعوديين؟

لا بد من الاعتراف بأن الجماعات الإرهابية استغلت مساحة رخوة ومهملة في جسد المجتمع السعودي، ومن المؤلم أن هذا الجزء من الجسد هم الشباب، وهو ما يدعونا للبحث عن الأسباب، فتلك النتائج التي رأيناها في التجنيد في تلك المعسكرات لغرض التكفير والتفجير واستباحة الدماء والأموال لها أسباب، وهي ما يجب أن نحددها لنعالجها، من حديث الإخوة وتجاربهم في التقرير الذي عرضته القناة الأولى، نرى الاستغلال للعاطفة الإسلامية وتوظيفها بأسلوب مدمر، وهي عاطفة جياشة، فإذا كان الهدف شاباً صغير السن قليل التجربة فهو طريدة سهلة، وإذا بحثنا في خوافينا وفي طيات مجتمعنا، نستطيع رؤية أننا كثيراً ما قدمنا الشكل على المضمون، فكان الشكل هو المقياس الأول والرئيس، واستناداً إليه يكون الحكم على الأفراد، ومن خلال هذا الشكل يستطيع من يريد النفاذ إلى داخل شرائح المجتمع وتحقيق مطامحه أن ينفذ، المجتمع الطيب طيبة تقارب السذاجة أرض خصبة، فإذا كان اللباس دينياً وجاء معه الفكر المتطرف الحركي يكون الخطر أكبر.
وإذا عدنا لنرى واقع شبابنا، نرى في الحقيقة أنهم غير محصنين، وتجاربهم في الحياة محدودة، ولا تقودهم سوى عواطفهم، ومن الطبيعي والمتوقع إذا ما وقعوا في تلك المعسكرات أن يستغلوا حطباً للتفجير.
الحقيقة تقول ان جماعات الإرهاب والتكفير حصلت على لقمة سائغة وعجينة جاهزة، وهي نتاج لبعض الشحن العاطفي الديني غير المسؤول، والذي لا يتبين العواقب ولا يقدر واقع المنصتين والملتفين حوله، وإلى أين يؤدي بالشباب، فإما إلى التفجير أو إلى السجن.
ونخلص إلى فقدان الاهتمام الفعلي والعملي بالشباب، نتحدث كثيراً عن الفراغ والشباب، إلا أنه ليس هناك برنامج عملي حقيقي على أرض الواقع يستفيد من هذه الطاقات ويقدم التجربة المفيدة لها وللمجتمع، وعلى سبيل المثال، نفتقر إلى الأعمال التطوعية الخدمية في مجتمعنا، ولدينا الآلاف من الشباب الذين يشكون من البطالة؟ ونستطيع أن نعلمهم ما يفيدهم من خلالها، بدلاً من مطالبة القطاع الخاص بتوظيفهم والانتظار، وهذا الأخير أكبر الأخطار. ولا بد من ردم الفجوة بين الشباب وقادة الفكر، خصوصاً من علماء الشرع، فعندما تم استغلال النصوص الدينية من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، لم يتم التصدي لها بالسرعة المطلوبة والانتشار المناسب، وهو ما يدعو إلى إعادة النظر في مناسبة وسائل الاتصال الحالية بالشباب، كما أننا في حاجة إلى كتاب أبيض يجمع الردود المقنعة على القضايا التي استعصت على فهم البعض، مثل الولاء والبراء وحقيقة الجهاد وغيرها.
ثم ان هناك فئة منسية وهم المتسربون، سواء من الوظائف أو المدارس والجامعات، فهم جزء من المجتمع وسيبقون فيه ويؤثرون اما سلباً أو إيجاباً، وإذا أهملوا فسيأتي من يحتضنهم ويستغلهم، وقد يصنع منهم أسلحة إجرامية أو إرهابية ضد المجتمع، كما فعلت معسكرات أفغانستان، وهناك واجب أهم على المؤسسات الحكومية، عندما تنتهج نهجاً معيناً حتى ولو كان ظاهره المساعدة والنصرة، أو إعانة إخوة في الشرق أو الغرب، أن تدرس ذلك جيداً لتعلم آثاره السلبية المحتملة في شبابنا ومجتمعنا، فقد علم أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.