“ذبان الشوارع”

“الدباب” هو الدراجة النارية فإذا اعتلاه “صايع” يصبح مثل النقطة على حرف الدال لا تعلم من أين يصيبك… في عينك أو أنفك، وربما يدخل إلى فمك، في كل الأحوال احذر منه فهو ملوث!
“الدباب” في الأصل وسيلة نقل، لكن تاريخه في بلادنا لا يشفع له للحصول على هذه الشهادة، فقد ارتبط “الدباب” أول ما ظهر في شوارعنا بـ “الدشير” و “التسكع” و “العربجة”. إنه وسيلة نقل مراهقة بكل ما تحمله هذه الصفة من معنى، يقدم صوته المزعج والمنفر موسيقى خلفية للفتوة والطيش…  وبعض من التحدي، وتستخدم مرونته الأفعوانية لهذه الأغراض، فإذا توفر مع كل ذلك تسيب وقدرة على الهروب من العقاب كثرت منه وبواسطته إساءة الأدب، ومع بعض الاستثناءات القليلة لمستخدميه لأسباب اقتصادية فإن الواقع الأعم الغالب لا يشير سوى إلى تلك الصورة التي ذكرت.
لا يملك الذين تخطف منهم جوالاتهم أو حقائبهن بواسطة راكبي الدراجات النارية المسرعة، سوى إطلاق السباب والشتائم، ولا يمكن تصور أن ينظر أحد في بلاغ عن سرقة جوال مع عدم الاهتمام المعروف بسرقة سيارة كاملة، يجب أن تكون هناك سيارة في داخلها جوال يحمله طفل! ولا يملك سائقو السيارات الذين “تتطامر” من حولهم الدبابات بأصواتها المزعجة والمصممة لخرق طبلة الأذن في شوارعنا سوى التذمر وربما بعض من الشتائم. ونحن بين صنفين منهم، صنف من أبناء الموسرين يركبون الدبابات غالية الثمن، بعد أن يكونوا قد ركنوا سياراتهم الفارهة بعيداً، ووضعوا قدراً من “الجل” على شعورهم، يجوبون الشوارع الكبيرة والمزدحمة في ليالي العطل الأسبوعية معلنين تحدياً لافتاً للذوق العام، ويسهمون في ترويع المارة والسائقين وسلامتهم، وصنف آخر يمتطي “دبابات” من نوع أرخص تخصص في الشوارع المكتظة بالمارة والمتسوقين وسط المدينة يخطفون ما في يدك ويهربون مع تعالي الضحكات.
إذا كنت تحمل هاتفاً جوالاً وتتحدث منه في أحد الشوارع فاحذر لئلا يكون قنبلة في يدك، بعد ثوان سيكون في يد أخرى، وقد يساومك حتى يعيد إليك شريحتك وأرقامك، وإذا كنت تحملين حقيبة يد فاخفيها واتركي “التشخيص” والادعاءات الفارغة فربما “تولولين” بعد دقائق.
و “الدباب” أخذ من الدبابة الاسم لأن مروره يحدث الفزع مثلها لكل ما حوله.
سؤال بسيط: هل نحن بحاجة إلى هذه الوسيلة المسماة “دباب”، أم أن أخطاره أكثر بكثير من فوائده؟ إنها دعوة إلى إعادة النظر في “ذبان الشوارع”.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.