وكالات وجوالات!

منذ انتشار عبارة «التفكير خارج الصندوق» في الكتابات والنقاشات تم إنشاء العديد من الصناديق الجديدة الملونة! الرابط أن فكر «الصندوق» الأول يستنسخ في كل صندوق جديد.
والخروج من أسر التفكير داخل الصندوق يستهدف فك «التصندق» والانفتاح على الجديد المفيد، الخروج من قيد الحلقة الضيقة، لا استنساخ القديم المعروفة نتائجه.
في زمن مضى قامت «وزارة البرق والبريد والهاتف»، وكان هذا هو اسم وزارة الاتصالات الحالية قبل استقلال البريد في مؤسسة والاتصالات في شركة، بفتح الباب لإنشاء وكالات بريدية يديرها القطاع الخاص، لم يكن الهدف «التحول» أو المشاركة، بل كان محاولة لنقل عبء خدمات صناديق البريد وتوفيرها لمن يطلبها من خلال القطاع الخاص، تلك الفترة كان من يبحث عن صندوق بريد كمن يبحث عن لبن العصفور.
ومنذ سنوات وإلى الآن تدور في المحاكم وديوان المظالم قضايا مرفوعة من أصحاب وكالات بريد على مؤسسة البريد، يطالبون فيها بحقوق لهم بعد أن فرضت المؤسسة شروطاً وضيقت عليهم كما يذكرون، بعض هذه الوكالات خرجت من السوق وبعضها ما زال يصارع. وبدلاً من المحافظة على من استمر في تلك «الخصخصة» يتم التضييق عليهم والتعامل معهم كمنافس، ومن الطريف ما ذكره واحد منهم من أن ثلاث أربع دخل الوكالة تقريباً يذهب لمؤسسة البريد!
الشاهد أن العمل التجاري بكل صنوفه وأشكاله يحتاج إلى الاستقرار وعدم المفاجأة بقرارات تصدمه وتطيح باستثماراته أو أحلامه مهما صغرت. ومن ذلك ما يتم الآن في ما سمي «قطاع الاتصالات».
توطين البيع والصيانة في محال الجوال، لا يخرج عن التفكير داخل الصندوق القديم، مررنا بالكثير من تجارب الاستثمار الصغير، سواء المرخص أو ذاك الذي نشأ من دون ترخيص مستهدفاً طلباً أو فجوة في طلب خدمة ما، كثيراً من هذا ذهبت به الرياح. ما تحتاجه وزارة العمل هو إعادة النظر في برنامجها الأساسي خطتها الرئيسة التي أحدثت خللاً وسوقت وهماً بالتوطين الوهمي، وهو أيضاً ما يجب مراعاته في مشاريع «التحول» التي يتم العمل على إنجازها، فهي في الواقع «وزارة العمل الكبيرة»، والسؤال الذي لا يطرح حتى الآن، ما هو الثمن الاجتماعي والاقتصادي لهذه المشاريع؟ وهل تتمكن البلد من دفعه من دون خسائر باهظة؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.