مبروك المتانة

تقول آخر نكتة إنه تم “تخصيص عشرة مواطنين لكل سهم من أسهم شركة الدريس”، أقرأها مرة أخرى، ليس هناك خطأ مطبعي، مبروك للأخوة في الشركة، ومبروك لهيئة سوق المال ولوزارة المال، و… الاقتصاد الوطني سابقاً.
 أصبح معلوماً لدى الجميع أن عدد المكتتبين في هذه الشركة، الصغيرة نسبياً، فاق عدد الأسهم المطروحة، وربما سيتم الاضطرار لدفاتر العائلات.
وبمعنى آخر لو كانت وليمة أو عزيمة لخرج المدعوون جوعى، وربما أكلوا الصحون والملاعق، أو أكلوا أصابع بعضهم بعضاً، يتضح من نتيجة هذه المعادلة المنصفة! أن الأسهم أصبحت أهم وأغلى من المواطن الذي يقال عنه في بعض المرات أنه “لَبِنَة” التطور، يظهر أنها مشبعة بالكلسترول، وإنه “هدف” خطط التنمية، ربما كان هدف تسلل.
ويتضح أن “هدف” التنمية تحقق بعشرة مواطنين لكل سهم، ولا بد من أن البعض سيخرج إلى الإعلام ليبشر بالخير المنتظر، وربما يفضل الإشارة إلى قوة و”متانة” الاقتصاد الوطني، والدليل تكالب المواطنين، و”تضاربهم “على كل سهم مطروح، بل إنه تمت تغطية أسهم هذه الشركة في اليوم الأول، وأي “متانة” أعرض من ذلك! وأتوقع أن تُغطى أسهم أول شركة ستطرح بعدها في الساعة الأولى من أول يوم، هذا يؤهل اقتصادنا “المتين” للأولوية والأسبقية، أبشركم بأننا سنتقدم درجات إلى الأعلى في أرقام التصنيفات الدولية الاقتصادية، ومن المتوقع أيضاً أن يتم تأهلنا إلى تحقيق أرقام قياسية من الصعب على اقتصاد آخر متيناً كان أم نحيلاً الوصول إلى طرف أصبعها، المشكلة أننا سنشعر بالوحدة… هناك “فوق” في علو الأرقام القياسية من دون جيران، لأن أقرب جار لنا بيننا وبينه درجات طويلة مرتفعة، والمشكلة الأخرى أن الطقس هناك في “الفوق” بارد جداً.
والطرفة السابقة غير بعيدة من الواقع، بل هي نتيجة له، ولأننا في أول السنتين الهجرية والميلادية فيمكن لنا أن نتفاءل ونتوقع تغطيات مقبلة في أول دقيقة دوام في أول يوم طرح، ولذلك أنصح بأن يعاد النظر في دوام المصارف، ليحدد بالثانية، فالوقت من أسهم!
النكتة قسمت المواطنين على الأسهم المطروحة بدلاً من العكس، والسبب أنه تم “طرح” مصلحة الغالبية الكبرى من الموطنين بعيدا… فمَنْ يحدد المطروح من غير المطروح بعيد هو الآخر عن أرض الواقع، إنه يجلس في برج مرتفع هناك في “الفوق” يبتسم “منشكحاً” مع الأرقام القياسية المحققة، وكأني به منهمكاً في “شبر” متانة اقتصادنا المتين.