استعنت بصديق، متمكن، لأتعلم كلمة “شكراً جزيلاً” باللغة اليابانية، ثم وضعتها عنواناً لهذا المقال، الشكر الجزيل للأصدقاء في اليابان على موقفهم الحكيم من قضية نشر الرسوم المسيئة إلى الرسول عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
السيد “تارو آسو” وزير الخارجية الياباني، وصف ما قامت به بعض وسائل الإعلام الأوروبية بالعمل الطائش، وامتازت اليابان بامتناع صحفها عن نشر الرسوم، هذا الدرس من الحكمة اليابانية مقدم لكل المتذرعين زوراً بحرية التعبير في أوروبا، لهذا أقدم الشكر إلى الأصدقاء في اليابان، لقد كان موقفكم موقفاً مسؤولاً وحصيفاً، واحترامكم للمسلمين ورموزهم الدينية ورفضكم هذه الإساءة، يستحق التقدير والامتنان من كل مسلم، بل ومن كل إنسان.
كنتُ متفائلاً باللقاء الذي تم في جدة بين منظمة المؤتمر الإسلامي ومندوب المفوضية الأوروبية، هذا التفاؤل اعتمد على التصريحات المشتركة، لكنه ويا للأسف تبخر سريعاً بعودة رئيس المفوضية الأوروبية للحديث عن حرية التعبير.
في تصريح أوروبي قيل إن مقاطعة المنتجات الدنماركية هو مقاطعة للمنتجات الأوروبية، عجيب! أليست مقاطعة المنتجات الدنماركية من حرية التعبير؟ هل حرية التعبير محصورة فقط بالكتابة والرسم وإطلاق الآراء، نفهم من هذا أن حرية التعبير الأوروبية مرتبطة باللسان واليدين، وتتوقف عند الحلقوم. لكن هذا ليس صحيحاً من واقعهم هناك، خذ مثلاً ما يتعرض له عمدة لندن، حَكَمَتْ هيئة تأديبية على رئيس بلدية لندن السيد “كين ليفنغستون” بالإيقاف عن العمل أربعة أسابيع، لماذا؟ لأنه شبه صحافياً يهودياً بحارس معتقل نازي في الحرب العالمية الثانية، الخافي من متابعتي لهذه القضية أن الصحافي اليهودي كان “حشرياً” جداً في ملاحقته لعمدة لندن فشبهه بحارس نازي، الهيئة التأديبية في حكمها قالت عن ذلك التشبيه بأنه “يفتقر إلى الحساسية ويتضمن إهانة غير مبررة”! أين حريتكم في التعبير يا سادة؟ لماذا تتوقف دائماً أمام هذا السور العالي؟ هل سنرى دفاعاً أوروبياً عنه؟
إذا كان السبب صحوة ضمير أوروبية لما يقال عن المحرقة النازية، فلا بد من أن يصحّوا هذا الضمير لما فعلته أوروبا وتفعله حتى الآن بالعالم الإسلامي، الدول الكبرى في أوروبا مسؤولة عمّا حدث في فلسطين والعراق وكشمير وقضايا ساخنة غيرها.
التفاعل الإعلامي مع قضية الرسوم بدأ يتراجع، وهذا أمر لا يجب أن يؤدي إلى تراخٍ ديبلوماسي للحصول على قرار دولي يجرّم ظاهرة الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، عند صدور مثل هذا القرار يمكن لهذه القضية أن تضع أوزارها، وهذه اليابان تقدم فرصة لدعم مثل هذا القرار.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط