أبو ساهر وأم عامر

لدي شعور يقول أن “مجير أم عامر” كان سعودياً! وملخص قصة أم عامر أن أعرابياً أجار أم عامر” الضبع” من صيادين يلحقون بها، “زبنها” الأعرابي “الفزوع صاحب الحمية” في خيمته ومنعهم عنها بسيفه ثم قدم لها حليب “خلفات” وقيل لبناً حتى ارتوت واطمأنت، وعندما نام وثبت عليه وبقرت بطنه، أعتقد أن الأخ الأعرابي “ضحية أم عامر” كان سعودياً، حتى ولو كانت الواقعة منذ مئات السنين، بل انني أتوقع أن له صلة قرابة ولو جغرافياً بالأخ أبو ساهر.
 أما أبو ساهر فهو مواطن سعودي وقع في فخ بسبب كرم أخلاقه، قصته تصلح مادة خصبة لفيلم مثير أقترح أن يطلق على الفيلم “سعودي بعد الغزو” أو “السعودي المسلسل في الكويت”.
 المقهور أبو ساهر “62 عاما” اضطر إلى تقييد نفسه بالسلاسل والتهديد بالانتحار من على سور في مدينة الكويت مجاور لجريدة الرأي العام الكويتية، وبدأت “سالفة” ابو ساهر كما ذكرتها الصحف قبل ستة عشر عاماً، حيث احتجز مواطن كويتي في نقطة بتبوك شمال غرب السعودية، ففزع له أبو ساهر وكفله حتى عاد سالماً إلى دياره، ولأن الشكر واجب اتصل أخ المكفول بأبي ساهر شاكراً له معروفه ودعاه إلى زيارته فهو ديبلوماسي كويتي يعمل في دمشق، فذهب أبو ساهر، ولأنه صاحب معروف و “راعي فزعات” استدان منه الديبلوماسي الكويتي “مليون وسبعمائة وخمسون ألف ريال”! الغرض المعلن من الاستدانه شراء “بعارين” لاستخدامها ولائم لترشحه للانتخابات، معلوم أن الكرم يحتاج سيولة ويفضل أن تكون من أموال الآخرين، ثم حدث غزو صدام للكويت، ومنذ ذلك الحين وأبو ساهر يطالب بحقه من دون فائدة بل وصل الأمر بالديبلوماسي الكويتي إلى استخدام نفوذه لمنع الدائن من دخول الكويت الشقيقة، إلى أن استطاع الدخول والتهديد بالانتحار في مشهد مثير وهو مقيد بالسلاسل الأسبوع الماضي، رجل في وضع أبو ساهر لا تستغرب منه أن يشقق ثيابه ويمشي في الشوارع .
لكن مشكلته أن المدين ديبلوماسي ومن عائلة متنفذة، ويظهر أنه صنف الدين ضمن الديون المعدومة وما أكثرها.
ولأن أبو ساهر سعودي فقد حصل على خدمة “خمسة وخميسه”، من سفارة السعودية في الكويت فهي “تتابع” القضية، المشكلة أنه لم يذكر ما إذا كانت تتابعها عن “كثب” أو “كثبان”، والأدهى والأمر أن سفارة بلاده، جرياً على عادة سفاراتنا مع قضايا المواطن بالخارج، طالبته بالحضور مع كامل المستندات، والرجل مفلس وبدأ في “الطرارة”، ولا يملك إيجار غرفة في فندق. ألا تتفقون معي أن مجير أم عامر كان سعوديا؟ فمات وهو لم يسمع بيت الشعر الشهير… “ومن يصنع المعروف في غير أهله…”، الفرق بين الحادثتين أنه لم يكن هناك سفارات في ذلك الزمن.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.