تطلعات ملك

بعد إنصاتي للخطاب الملكي الكريم، قرأته بإمعان وسألت نفسي: هل الجهاز الحكومي قادر بوضعه الحالي على التعاطي الايجابي مع تطلعات خادم الحرمين الشريفين؟ يدفعني لهذا السؤال التطلعات المستقبلية المشرقة التي حفل بها الخطاب الملكي، هذه الرؤية الملكية جاءت مختصرة ومركزة واستراتيجية، قدمت لنا تطلعات مليكنا حفظه الله، ولمس كل من سمع وشاهد وقرأ الرغبة الصادقة في تحقيق طموحات كل مواطن، بل لمس كل متابع مواصلة الإصرار على تحقيق ذلك، ونعيد السؤال: هل الجهاز الحكومي بوضعه البيروقراطي الحالي، المشبع بالبطء والروتين وتداخل الصلاحيات وضبابية فيها، مثل هذا الجهاز هل هو قادر على تنفيذ الرؤية الملكية، الخطاب الملكي هو ورقة عمل للمستقبل، وانظر إلينا في قضية معالجة الفقر التي أطلق شمعتها أبو متعب، وإلى أين وصلت بعد سنوات، فنكتشف أنها مازالت تراوح مكانها.
وإذا نظرت إلى الوزارات تجد أن قرارات تم اتخاذها بفصل وزارات ودمج أجزاء منها مع وزارات أخرى ما زالت حبراً على ورق!
إصلاح الجهاز الحكومي هو الخطوة الأولى لتحقيق تطلعات خادم الحرمين الشريفين تجاه الوطن والمواطن، واختصار الزمن نحو عقبات بيروقراطية أقل وتسريع في التطوير والتنظيم، ومواكبة المتغيرات المتسارعة.
والمشكلة أن العقبات والاختناقات تتراكم، والتنسيق بين الأجهزة الحكومية ضعيف ومتأخر، وبعض منها مازال يعمل كأنه معزول عن غيره، والقضايا والشواهد كثيرة.
إن على الوزراء وكبار المستشارين في المقام الأول المسؤولية الأولى في ترجمة تطلعات الملك عبدالله بن عبدالعزيز سلمه الله تعالى، لتكون واقعاً ملموساً يلمسه المواطن في منزله وفي طريقه، وخلال مراجعته للإدارات الحكومية المختلفة، يستطيع كبار المسؤولين التنفيذيين أن يسجلوا أسماءهم في التاريخ، بوجود قائد صادق ملهم مثل عبدالله بن عبدالعزيز، وسيكون ذلك واقعاً بسرعة العمل على التخلص من الروتين وتقليص الإجراءات غير الضرورية إلى أدنى حد، ومحاربة الفساد الوظيفي.
والخطاب الملكي الكريم يتطلع إلى دور أكبر لمجلس الشورى، وأعتقد أن الإخوة الموقرين أعضاء المجلس لمسوا ذلك، المجلس أكثر مرونة، في ما يفترض، من الأجهزة الحكومية الأخرى، ويمكنه بكثير من الجهد والدأب أن يتحول إلى ماكينة التجديد والتحفيز لبقية الأجهزة الحكومية،
الخطاب الملكي في مجلس الشورى حدد الأهداف الكبيرة، التي هي تطلعات مليك حريص على تقدم بلاده، وتمتع مواطنيه بحياة كريمة، فهل نتوقع انتفاضة في الأجهزة الحكومية المختلفة، يُنفض فيها غبار البيروقراطية، ويُحارب من خلالها الفساد، وتُقدم الأفكار النيرة؟

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.