لتوافر المادة الخام الثرية، يمكن لك أن تقوم بإنتاج فيلم وثائقي بعنوان “أغرب السرقات في السعودية”، ويتوج هذا العمل بقفلة ولا أروع، إذ تم القبض على ثلاثة عمال يمنيين وهم يسرقون كيابل جسر الجمرات في مكة المكرمة قبل أيام! في جانب آخر اكتشفت بلدية حي النسيم في الرياض، أن بعض سائقي سيارات “السطحات”، وهي تستخدم لنقل السيارات المتعطلة، يقومون بسرقة أجزاء منها، ونشر الصحافي علي الرويلي من صحيفة “الرياض” صوراً لموقع المسروقات.
هذه السيارات “السطحات” وهي واقفة، تذكرني بمشاهد الطيور الجارحة وهي تنتظر فرائسها في برامج الحياة البرية. أصبحت تنقض بمخالبها على السيارات المتعطلة، لا يكفي ان تقع لك حادثة أيضاً ستتم سرقتك، والسؤال لجهاز المرور في المدن وفي الطرق الطويلة، هل هناك تنظيم لعمل هذه السيارات؟ وهل تم التأكد من شخصيات سائقيها وأوراقهم؟ هناك شكاوى عدة عليهم ممن اضطروا للتعامل معهم, فإذا كان بعض منهم حوّل أراضي حكومية إلى مواقع للتشليح، “وشلحوا ما اسعفوه”، فهل تم اتخاذ إجراء حاسم يعيد ترتيب أوضاعهم جميعاً؟
أوردت نموذجين لأنواع من السرقات، وفي مقالات سابقة ذكرت أكثر، ولمحاولة الفهم يلاحظ المتابع أنه لا يجري الحديث عمن يشتري المواد الخام المسروقة، خصوصاً تلك التي تزن أطناناً بعد تجميعها، النحاس وما في حكمه لا يشترى إلا من جانب من يستخدمه، بحسب فهمي المتواضع، ولا يمكن أن تشتري كميات من هذا النوع إلا معامل او مصانع تستخدمها او جهات تصدرها للخارج، فلماذا لا يظهر هذا للسطح، إذا “كُفّت” يد المشتري عن الشراء ستتلاشى السرقات. أستمر في محاولة الفهم، ولنأت إلى قضية “المرارة الطحينية”، في ما عدا بيان هيئة المواصفات والمقاييس، وهي الجهة المعتبرة لتأكيد الممنوع والمسموح، وبعد بيان “أمانة الرياض” عن الملاحقة والإتلاف، لاحظت أن البيانات الأخرى تصب “مباشرة” في خانة “الفزعة للمصانع” التي لا يجري ذكر أسمائها. امتازت البيانات الأخيرة بلهجة شديدة وقاطعة وتناقض فريد يثير الأسئلة ودهشة قديمة متجددة، يوضح ما ذكرته سابقاً من أن “الطاسة ضائعة”. جهات رسمية تقول إن هناك مخالفات في مادة محددة ولا يجري الإعلان عن المخالفين، فكيف لنا أن نتوقع إعلاناً عن أسماء من يشترون المسروقات وهم يشترون في الظل. أصبحت لدينا حلاوة في الرياض، وحلاوة أخرى في جدة، بعد بيان فرع التجارة في جدة. اللهم لك الحمد والشكر، الحلاوة نعمة من الخالق وفضيحتها نعمة أخرى.
إن عدم تحرك جهة أعلى لحسم هذه القضايا والتحقيق في ملابساتها، يجعل الوضع يبقى على ما هو عليه، ويحتم عليك أن تحرس جسدك، لا تنسَ أن بداخله أليافاً عصبية يمكن سرقتها، وأنت لاهٍ في ذوبان حلاوة في فمك لا تعرف مكوناتها، هل هي من الرياض أم من جدة؟
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط