السلام على الرف

نيات العرب الإيجابية تجاه السلام، تمثلت بالمبادرة العربية التي طرحت في بيروت قبل حوالى خمس سنوات، وضعت الدول العربية فيها أقصى ما لديها. في مقابل هذه المبادرة المتفق عليها عربياً لم تقدم إسرائيل سوى السخرية منها، وسط إهمال أميركي – غربي متعمد، فهل يمكن الآن التفاؤل باهتمام أميركي، جديد، بهذه المبادرة؟ أم أن التصريحات الصحافية التي سبقت قمة الرياض ليست سوى جرعات مخدرة تعودنا عليها من السياسة الأميركية؟
تستبق وزيرة الخارجية الأميركية انعقاد قمة الرياض الذي ينهي أعماله اليوم، بتصريح تشير فيه إلى استبعاد المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المباشرة، لم يحن وقتها بحسب تعبيرها، وفي هذا رسالة نيات أميركية واضحة المعالم تجهض أدنى درجات التفاؤل.
 المبادرة متفق عليها عربياً، إلا أن البعض يسوغ لإسرائيل وأميركا عدم الاهتمام بها لأن طرفاً لم يعلن تأييده لها، يقصد به “حماس”، هذه الصيغة في طرح القضايا لا يمكن فهمها إلا أنها جزء من العمل الإعلامي التخريبي للجهود والمواقف العربية… والهدف هو إعادة المبادرة إلى منبعها، إما بطلب التعديل الذي ستتبعه طلبات أخرى “إسرائيلية بثياب أميركية”، أو بالقول إن هناك من لم يوافق، ويجب الضغط عليه، ولا يستغرب، لاحقاً، أن يطلب من كل مواطن عربي المشاركة في استفتاء تشرف عليه إسرائيل ليبصم بإبهامه بالموافقة!
أفضل موقف عربي تم اتخاذه هو الرفض القاطع للتعديلات التي طالب بها بعض الساسة الصهاينة، وينتظر من قمة الرياض أن تؤكد على ذلك بالإجماع في بيانها الختامي الذي يصدر اليوم.
واقع السياسة الأميركية التي خبرناها عن قرب، يجعل المتابع “العربي” لا يرى أية إشارات تدفعه للتفاؤل بموقف أميركي جديد، سواء من المبادرة أم من حل شامل ونهائي للقضية الفلسطينية، السياسة الأميركية في المنطقة ما زالت تدار من تل أبيب، وما حدث ويحدث في العراق نموذج صارخ، والحل النهائي لقضية فلسطين المحتلة موضوع على الرف الإسرائيلي، ولا أحد يواجه عنجهية الدولة الصهيونية، تقدم لها مبادرة لتطلب المزيد. وطوال عقود لا يذكر للسياسة الغربية المهيمنة على المنطقة، أميركية كانت أو بريطانية، قيامها بضغوط – ولو صورية – على الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، زيارات الساسة الغربيين لتل أبيب غرضها التزود بالوقود للمناورة السياسية، الضغوط والمطالبة بالتنازلات تنهمر على الجانب العربي فقط، ويستفاد في التسويف من الخلافات العربية المتجددة، فيما يتم تضخيم أمور لأجل الغرض نفسه، من ذلك لا يمكن للمواطن العربي أن يتفاءل بتصريحات سيتم لَحْسُها عاجلاً أو آجلاً.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.