عيون السفير

كلما تفحصت عيني سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة زلماي خليل زادة، تذكرت فوائد علم الفراسة الجميلة، فأبحث عن كتاب قديم كنت قرأته عن هذا العلم الفريد، ولا أجده للأسف، فأوطد العزم على التوقف عن إعارة الكتب، عيون سفير أميركا السابق في العراق تقول غالباً ما لا يقوله لسانه، وأثناء فترة عمله في العراق كان لسانه “الذرب” يتناول قضايا خطيرة، وعندما تركز على عينيه، اهتماماً بما يقول، يختلف المشهد عليك،  فتتوقع أنه يستعد الآن وفي هذه اللحظة لرواية نكتة!
واطلب من القارئ الكريم أن يركز على عيني السفير عند خروجه على القنوات الفضائية، بل وحتى في الصور الصحافية، ثم يخبرني بقراءته، وميزة عيون زلماي خليل زادة، انها كبيرة وفيها جحوظ لافت، كأنها تود ان تندلق إلى الخارج لتقول شيئاً آخر، إضافة إلى أنها لا تحتمي خلف نظارة، من هنا يصعب إخفاء حركاتها وسكناتها ومطوياتها، انها لا تقارن بعيون “توني بلير” مثلاً الغائصة في سحب ضبابية وسط رمال ابتسامة مغتصبة، كما انها تختلف جذرياً عن عيون جورج بوش الابن الباهتة، حيث تعطيك انطباعاً عن تعرض صاحبها لعملية غسيل دماغ.
السيد زلماي خليل زادة شن هجوماً على السعودية، مبيناً بحسب قوله أنها لا تتعاون في العراق، جاء هذا الهجوم بعد أيام من زيارة مسؤول عراقي “موفق الربيعي” للسعودية، وتصريحات له أشاد فيها للصحف السعودية بالتعاون الذي تجده حكومته من الحكومة السعودية! ثم تراجع السفير الأميركي السابق في العراق في تصريح صحافي أخير عن الهجوم، وذيل التراجع بمطالبته السعودية بتعاون أكبر لإيقاف العنف الطائفي في العراق.
ومعلوم أن أول من بدأ شرارة العنف الطائفي هي الولايات المتحدة الأميركية، عندما أعطت الحكم لشريحة وأهملت شرائح أخرى، ثم صبت الزيت على النار بقوات المرتزقة وفرق الموت، حيث استنسخت الحكومة الأميركية تجارب لها في أميركا اللاتينية، وقد تعرضت لهذا الأمر في مقالات عدة عن فرق الموت في العراق التي عاثت فساداً واصلها، جاء كل هذا بعد أن دمرت القوات الأميركية حرس الحدود العراقي، وسرحت الجيش، فكان أن فتحت الحدود لمن أراد الدخول، وأكثر الجاهزين المستعدين بالرجال والسلاح والعقيدة القتالية ووضوح الهدف للدخول كانوا منتظرين على الحدود الإيرانية – العراقية.
زلماي خليل زادة، الذي لم ينجح أو لم يرغب في أن تتوجه حكومة المالكي لتحقيق المصالحة الوطنية الفعلية في العراق، يتطلع إلى جر السعودية أكثر فأكثر، ومعها دول الخليج إلى بركة الدماء في العراق، لأنهم ولو شكلياًً على وشك المغادرة.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.