النشل والتأشيرات (2 من 2)

لعل مقال أمس وردّ السفارة السعودية في مصر حاضرٌ في ذهن القارئ، حتى يكون للتعليق وضوحٌ أشمل. عندما نشر خبر يقول إن سلطات الأمن المصرية في مطار القاهرة استطاعت القبض على 33 نشّالاً كانوا على وشك السفر للعمل في جيوب ومحافظ المعتمرين والمصلين في الحرم المكي خلال شهر رمضان المبارك، كان الأولى بالسفارة السعودية في مصر أن تصدر بياناً تذكر فيه الإجراءات التي تتخذها لمنع أصحاب السوابق من العبث بالأمن الداخلي السعودي. في مثل هذا البيان، لو صدر، تتحدد المسؤوليات وينجلي الغبار عن المعلومات المغلوطة إن وجدت. بالنسبة لمن قرأ الخبر الأصلي فإن إنجازاً امنياً مصرياً حصل، لن يعلم احد أن جهة أمنية مصرية أخرى أو غيرها لم تقم بعملها كما يجب، التأشيرات لا تصدر إلا عن السفارات، كما لا يعلم الكثير – كتاباً كانوا أو غيرهم – جميع الإجراءات، وليس مطلوباً منهم ذلك، العبرة بالنتائج. النتيجة في ذلك الخبر أن نشالين كانوا على وشك السفر، رجل في المطار ورجل في الطائرة وأصابع الحرامي تتطلع إلى جيوب المساكين الخاشعين. كنت ألمحت في المقال الأصلي إلى أنه إنجاز للأمن المصري. توضيح السفارة السعودية عن آلية الإجراءات الطويلة وتعدد مراحل التدقيق بين جهات في البلدين يعطي انطباعاً آخر، لا يعلم من هم أصحاب السوابق ويسمح بسرعة تحديث المعلومات عنهم مثل وزارات الداخلية في بلدانهم، أما إذا كان هناك ضعف في التجاوب مع تحديث المعلومات بين الجهات في البلدين فلا يقع فيه اللوم على الكاتب بالقول إنه يجهل الإجراءات، وقيمة الإجراءات وتميزها بقدرتها على منع المندسين من أصحاب السوابق بين جموع المعتمرين.
الكاتب يتعامل مع النتائج، وأكثر من نصف مليون تأشيرة هو مجهود كبير، والإشارة إلى الخلل والقصور لا تعني التقليل من الجهود، بل تفتح أبواب التطوير. أعلم أن السفارات لا تمنح التأشيرات من حيث العدد إلا بتعليمات، بهدف إتاحة الفرصة لأكبر عدد من المسلمين من أصقاع الأرض لأداء العمرة، من هنا أتمنى أن يتم خفض عدد التأشيرات الممنوحة للمعتمرين من البلدان كافة. أدى فتح باب العمرة على مصراعيه إلى التكدس في الحرم المكي، هذا الزحام لا يسمح بفرصة للخشوع والتلذذ بالطاعة وهو يشكل ضغطاً كبيراً أمنياً وخدماتياً، والمستفيد الأول شركات السياحة والعمرة.
واشكر الإخوة في السفارة السعودية في مصر، حتى لو لم ينتظروا الشكر، على الاهتمام والرد. أيضاً أتعاطف مع الإخوة المعتمرين المصريين الذين أهملتهم شركة طيران مصرية فتركتهم في جدة من دون عودة، وهو أمر يتكرر كل عام، وأضم صوتي لصوت الزميل احمد الشعلان مطالباً السلطات السعودية برفع قضية ضد هذه الشركة والمطالبة بتعويضات. اجعلوا منها عبرة. إذا لم يحدث هذا فإن الأمر سيتكرر. 

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.