الطبيب المخدر

طالبت غير مرة بأن تعاد الى مهنة الطب هيبتها وقيمتها، السبب الأول قصور إداري متواصل، وتذبذب بوصلة اتجاه، ما أدى إلى تشويه هذه المهنة الراقية، لضعف الدور الرقابي للجهة المشرفة، وجهات أخرى أيضاً لحقت بها. يذكر من أسباب الضعف أن الأطباء تولوا الإدارة، وهي ليست من اختصاصهم ولا مهنتهم ولم يتعلموا أو يبتعثوا لأجلها، ولو بحثت عن أي مجلس إشرافي صحي، لوجدت أن معظم القائمين عليه هم من الأطباء، والكاتب يجلّهم ويحترمهم، ويتمنى ألا ينشغلوا بالأوراق واللجان والكراسي، في حين أن هناك مرضى في صالة الانتظار، لقد خسرناهم في الطب، أما في الإدارة، فالنتائج أمامكم ليست سوى حزمة من الوعود.
الثاني انجراف الطب إلى التجارة، وهي من صيغ «التنفيع» واغتنام الفرص التي ابتلينا بها، ويمكن رسام الكاريكاتير أن يرسم طبيباً يجس بسماعته جيب المريض لا قلبه، وله في التحرش «الجنسي الطبي» أن يرسم ما يشاء.
من أكثر العيادات انتشاراً في السعودية عيادات الأسنان الخاصة، لن أتحدث عن أسعارها، لكن هل تعلم أنها من بين ابرز مواقع نقل عدوى الأمراض؟ هذا يبين لك مراقبة الجودة والنظافة. والمعلومة من مصدر مطلع، والعجيب أن وزارة الصحة منزعجة من الحجامة، لأنها قد تنقل الأمراض وتضيق عليها، في حين أن عيادات الأسنان تحت يدها ولم تفعل شيئاً، بالمنطق ما الفرق؟
انحدار المستوى الطبي والفلتان، ليس مبهجاً لأحد ولا لكاتب يجد فيه موضوعاً لمقال، لكنه جر إلى تدهور مؤشـراته في أخـبار وأحكام نـشرت، وإشـاعات تتناقل.
من طازج الأخبار ما كشفته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشرته «الحياة» عن طبيب أسنان عربي في «الشرقية» يتحرش بالمريضات، ويصورهن بالجوال، هل كنا سنسمع عنه لو لم تكن «الهيئة» من قبض عليه؟
ومن طازج الأحكام ما حكم به على الطبيب الذي يخدر المريضات ليصبحن مدمنات يبيع لهن الجرعات، ويعتدي عليهن هو ومساعده في جدة، الحقيقة أنني انتظرت نتائج التحقيق والحكم، حكمت المحكمة عليه بعشر سنين، فطلب التمييز فردّ الأخير الحكم لأنه لا يصل إلى مستوى الجرم ليحكم بإضافة عشر أخرى مع الإبعاد، التمييز يشكر، فالحكم الأول خفيف، حسناً، ماذا عن الأموال حصيلة البيع، وتعويض المتضررات؟ وهل سيتم إبلاغ بلاده؟ أم سيذهب إلى مجتمع آخر ليمارس جرائمه هو ومساعده؟ هل هناك قائمة سوداء للأطباء خليجية أم عربية؟ ويبقى الوضع على ما هو عليه، في كلتا القضيتين لا ذكر لإدارة المنشأة وهل اتخذ إجراء بحقها لإهمالها الرقابي؟ وكأن هؤلاء الأطباء من العمالة الفالتة… «وبدالهم غيرهم».

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليق واحد على الطبيب المخدر

  1. صلاح السعدى محمود كتب:

    حياك الله . أبو أحمد
    لاحول ولا قوة الابالله .
    هى فعلآ مهنة الطب سارت تجارة وغير أخلاقية وصف جراح الأسنان جراح
    قلوب من يقع تحت يده الملوثة بدماء الضحاية من المرضة يبدو أنه مطلوب
    أعادة النظر فى داراسة كليات الطب وأعداد برامج جديدة للقيم والخلق الدينية
    وعدم الأتجار بالمهنة الشريفة والحفاظ عليها وعلى هيبتها وسمعتها فى المجتمع ككل.. سلمت يمناك أستاذى الغالى .
    وتفضلوا بقبول فائق الإحترام / صلاح السعدى

التعليقات مغلقة.