يعتقد صديقي أن الجوال مرض يصيب “الجيب”!، وأن فيروسه يفتك بالدخل، قناعة صديقي جاءت من التجربة المريرة، لذلك هو لا يلتفت لما ينشر من تجاذبات عن الأخطار الصحية لهذا الجهاز، فهو يرى أن إصابة “الدخل” بفيروس الجوال تؤدي إلى أرق وصداع أفظع ألماً من ترددات الجوال، هذه القناعة دفعت بصديقي إلى أن يبعث لي بفاكس طويل، ذيله بأرقام هواتفه الثابتة في المكتب والمنزل، معلنا مقاطعته النهائية لخدمات الجوال الذي وصفه بأنه أحد أسلحة “الافلاس” الشامل، وان فواتيره هي في الحقيقة صكوك اعسار لمستقبل واعد لشركة الاتصالات، أما الشركة فهو يعتقد أنها تحولت إلى شركة تصفية وتفليس، وتخصصت في الأفراد، وضرب موعداً لبداية المقاطعة يتوافق مع بداية العام الهجري الجديد.
ولم أصدق نواياه الى حين مرت أيام من العام الجديد واتصلت عليه أكثر من مرة فوجدت هاتفه مقفل، تحولت إلى الثابت واذا بالرجل ثابت وجاد، صديقي اكتشف أنه أصبح أسيراً لجهاز لا يتجاوز حجمه قبضة اليد، ينتهك خصوصيته، ويشعره أنه مطارد بشكل مستمر، وأبسط ما تتلقفه أذناه من المتصلين هو السؤال: أنت وينك فيه!؟ لأن مستخدمي الجوال أخذوا من الدوريات: حدد موقعك!؟.
رغم أنه لا علاقة لهم بموقعك وأين تكون، ورغم أن صديقي يحقق دخلا جيدا بشهادة محاسب قانوني معتمد، ما شاء الله، الا أن هذا الجهاز الصغير اللعين يقتطع عشرة في المائة من دخله، ويقول صديقي إن محاولاته للتحايل باءت بالفشل الذريع، فهو كان من أوائل من ابتدع الرنة الواحدة إلى أن اصبحت مكشوفة، ثم ترك الثرثرة وتعلم الصمت، وصار يتكلم بشكل مقتضب مباشر، ناسفا كل التحايا المكررة التي تستهلك ثلاثة أرباع المكالمات فاتُّهم أنه “جلف” وانطوائي، ومشكوك في مودته وعواطفه، وجرب الانضمام الى الباقات المعلنة فتحولت في جيبه إلى غابة من الأشواك، كل هذه المحاولات للتخفيض زادت من قيمة الفواتير، أضف إليها الرسوم الثابتة!!، ولهذا يقول صديقي إن الجوال اسوأ من حفرة، فهذه الأخيرة تكبر عندما تأخذ منها في حين تتضخم فاتورة الجوال على حسابك وتأخذ منك ولا تشبع، وعلى عادته اطلق صديقي اسم “جيبولا” على المرض الذي يسببه الجوال لجيبك، والسبب انه يرى تشابهاً بينه وبين مرض “ايبولا” الرهيب، ووعد انه لن يعود لاستخدامه مطلقا الا عندما تبدأ الشركات الأخرى المنافسة بالعمل.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط