المال شبيه الماء

القارئ محسن عبدالله بابقي من جدة أرسل مبدياً انزعاجه مما جاء في مقالين نشرا في «الحياة» الأسبوع الماضي، الأول مقال للزميل سعود الريس تحت عنوان: «أجمل المال… أهدره»، رسم فيه بالحروف ثلاث صور لإهدار المال العام أكبرها وأكثرها سطوعاً قضية نفق شارع الملك فهد في الدمام الذي كلّف 90 مليون ريال لتظهر عيوبه بعد أسابيع من افتتاحه، ما اضطر الدفاع المدني إلى تكرار التحذير من أخطاره مع تلكؤ في التجاوب ليغلق أخيراً. الزميل سعود تساءل عن محاسبة المقصرين وتحميلهم التكاليف، خصوصاً مع وجود مكاتب استشارية وجهات حكومية تابعت المشروع منذ بدايته.
أما المقال الثاني فهو للكاتبة زينب غاصب بعنوان: «هدايا ولكن…؟» في العدد نفسه والصفحة نفسها، انتقدت فيه ما نشر عن ثري سعودي قدم هدية لمغنية البوب الأميركية «نيكول شيرز ينغر»، بقيمة مئة ألف جنيه استرليني. وقدمت أمثلة على ما يقدمه أهل الغرب والشرق من هدايا بسيطة.
سبب انزعاج الأخ محسن… الذي انزعجت لانزعاجه، هو هدر المال العام والخاص. تجاور المقالان فأحدثا صدمة، مع أحوال اقتصادية يعيشها مواطنون لا تسر، بين أقساط تقضم الرواتب ومتطلبات فيها غرور وكبرياء فلا تريد خفض أسعارها على رغم انخفاضها في أنحاء العالم. ماذا سيكون رد فعل الأخ محسن لو كانت زخات الرسائل تمطر بريده بقصص حول هذه القضايا مع ما ينشر ويتداول.
المال يشبه الماء في الانسياب، كلما كانت «الحنفيات» مهترئة و«الجلب» قديمة واليد الحريصة بعيدة… تنهمر النقط لتتحول إلى شلالات. في «الأنفاق» أنت مُخيّر بين أن تقرأها بهمزة على الألف أو تحتها! هناك جهات رقابية رسمية مطالبة بالتحرك، والإعلان عن نتائج تحقيقاتها، أما الهدايا الخاصة مثل هدية الثري للمطربة فهي شكل من أشكال «التنقيط» المضحك بمرارة، أخيراً تطور التنقيط ليسمى «النافورة». القصة إن صَحّتْ غير مستغربة إنما لعلّنا نتذكر ما نشر عن سعودي عرض شراء حذاء الصحافي منتظر الزيدي ثم ظهر أنه طفران يبحث عن الأضواء.
المحاسبة في المشاريع الحكومية للمقصرين من مقاولين واستشاريين، إن تمت، لا تظهر للعلن في صورة من صور الهدر الرقابي، على رغم تدشين حملة مكافحة الفساد، بل إن هناك مشاريع لا تسحب من المقاول غير القادر لأن السحب «بحسب الأنظمة والغرامات» سيعطل المشروع أكثر. هكذا يقولون، مع أن تطوير الأنظمة ليس مستحيلاً، وهناك هيئة للخبراء؟ أما الهدايا الخاصة فبعض القادرين يركزون على القيمة المادية ولمعان الذهب للإبهار، في حين يركز أهل العالم الأول المتقدم والأكثر ثراء وانضباطاً بالأنظمة، على القيمة المعنوية. انظر إلى هدايا رؤساء الدول الغربية لتجد أنها لا تتعدى لوحة رسمها طفل موهوب، أو قطعة من جدار برلين الأسمنتي.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

3 تعليقات على المال شبيه الماء

  1. abu saad كتب:

    أنت مبع أقولها للمرة المليون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ولا حياة لمن تنادي

  2. مواطن كتب:

    علي طاري الهدر المالي
    في ميناء الملك عبدالعزيز تم أنشاء حوض جاف لاصلاح السفن بمليارات ولم يستخدم لسنوات الا نادرا .. بسبب أن أطقم السفن التي تتطلب أصلاح لا يسمح لهم بالنزول من السفينة طوال أصلاحها والذي يستمر شهور احيان لان هذا نظام الجوازات مدري أيش المهم جلس الحوض مهمل وتحول في الاخير الى ورشة حدادة للمقاول الذي يشغل الميناء والحوض يتكون من حديد ولازم له صيانه ولم يصن مما ادي الي الصدا وسقوط اجزاء منه بعمق البحر وهكذا ذهب المال العام في مشروع لم يدرس ولم يستغد منه

  3. سليمان الذويخ كتب:

    قال احد الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين:
    اذا اردت ان تعرف كيف اكتسب المرء المال … فأنظر فيم ينفقه !
    وفعلا تجد الكادح الفطن .. يحسب لإنفاق المال الف حساب حتى لا يحتاج للناس
    اما من وجد المال بسهولة فسيهدي وردا ويكسب يوم القيامة شوكا وزقوما ..
    روي في جامع الترمذيّ بالإسناد الصحيح أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تزول يوم القيامة قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين أخذه وفيما أنفقه
    اما الغرب اهل العولمة فقالوا :
    ? easy come …….easy go my friend so why astonished
    شكرا لك وعساك على القوة

التعليقات مغلقة.