الصورة النمطية عن ادارات الشؤون المالية والإدارية في السعودية، أنها غامضة منغلقة على نفسها، تعرف عن الكل ولا يعرف عنها الكثير. إنها مستودع الأسرار والفرص «المكتنزة»! إذا دخل احد إلى دائرتها، يتم فحصه بالسكانر (ذا وش يبي؟)، يتعامل بعض مديريها معها كحيازات خاصة، مقصورة على المقربين، لذلك تجد أن جلسات الشاي والتودد تكثر في أروقتها، بعض المشرفين على مقاليدها مطمئنون، كأن الواحد منهم يردد: «ما دام معايا القمر مالي ومال النجوم»، والقمر مطلوب وكل موظف، كبر أو صغر، له تطلعات مالية وإدارية، مهما طار وارتفع. الحبل بيدها، بل إن طيرانه غالباً لا يتم إلا «بكز» منها.
هذه الصورة ليست فيها مبالغة من دون تعميم، لذلك عندما سمعت عن مدير شؤون مالية وإدارية استثنائي، استغربت! سمعت عن أسلوبه العملي من موظفين صغار وكبار داخل الجهاز وخارجه، أفراد من القطاعين العام والخاص اتفقوا عليه، ولست في معرض المديح، بل هي محاولة لإبراز صورة تؤكد، أن موظف القطاع الحكومي يمكن أن يكون نموذجاً ايجابياً.
استطاع هذا الرجل أن يقلب المفهوم الشائع عن «المالية والإدارية»، من إدارة محصنة منغلقة على نفسها، إلى إدارة مبادرات وقيادة أبوابها مفتوحة، إدارة تحريك لا تثبيط، ساعدته قدرات شخصية وموهبة إدارية، مع بيئة عمل مساندة، حتى يمكن وصفه بأنه الرجل الذي لا يشتكي من وزارة المالية. الأخيرة كل جهاز حكومي تقريباً يشتكي منها، ويجعلها شماعة لتراجع أدائه، وهي تساعدهم بالصمت المطبق، في حين أن تفاعل وزارة المالية مع وزارة التعليم العالي إيجاباً، يشير إلى أنها ليست دائماً حجر عثرة، الدليل تجسّد في مشاريع استراتيجية، منها مدن جامعية في مختلف المناطق، وتوسع كبير في الابتعاث، ومراكز بحوث متعددة، وتحسين لكادر أعضاء هيئة التدريس في الجامعات.
سألت المستشار والمشرف العام على الشؤون الإدارية والمالية في التعليم العالي، أو الرجل الذي لا يشتكي من «المالية»، الدكتور علي العطية، عن سر سحره، فهل عثر على عصا موسى عليه السلام، ليتجاوز أسوار المالية ودهاليز مناقشاتها؟ فأجابني بالإشارة إلى فهم واستيعاب الأنظمة الحكومية. سبحان الله إنها تلك التي يشتكي منها، لتصبح شماعة لكل تأخر. وجدت في الرجل بساطة العارف من غير تكلف، مكتبه البسيط بجوار باب الدخول «يخترش» من المراجعين، وهو من مطبقي اللامركزية، واتفقنا عليها وأنها لا تنجح إلا بحسن الاختيار، الذي يحتاج فراسة لا إلى «التنفيع» و«الأقربين»، ولعل نجاح اختيار وزير التعليم العالي البعيد النظر له دليل على ذلك.
علي العطية نموذج اداري فريد، من فرادته انه لم يحصل على إحدى جوائز المجلات والاتحادات العالمية الهلامية ودروعها ومجسماتها، بل حصل على جائزة الرضا والإعجاب ممن يعمل معهم ولهم… جائزة الانجاز الملموس.
-
* الموقع يحدث بإستمرار مع نشر المقالات في صحيفة الإقتصادية .
أحدث التعلقيات
-
أحدث المقالات
الأرشيف
كتب
- هذا الموقع بدعم وإدارة من شبكة أبونواف
روابط
تسلم يمينك استاذي مدير الشؤن الماليه والاداريه في جميع مفاصل
مؤسساتنا الرسميه والاهلية هو من بيده الحل والربط لانه مخزن الاسرار ومأوى افئدة الابرارللمال واي مال يارجل الادارة المالية
في بعض المؤسسات نحصنة باسلاك شائكة وكأن بهم داخل احد الحصون ولم يبقى ان يعلقوا لافتة ممنوع الاقتراب والتصوير لكن ماهو السبب واذا عرف بطل العجب من الجميع !!!!