عفواً… الترقية مضرة بصحتك!

دراسة –لطيفة- أجراها باحثون في قسم الاقتصاد وعلم النفس في جامعة “واريك” بإنكلترا، خلصت كما أشارت الـ”بي بي سي”، إلى إمكانية أن تكون الترقية الوظيفية مضرة بالصحة… لماذا؟ لأن الترقية تعني مشاغل أكثر وضغوطاً أثقل وضيق وقت لا يسمح بزيارة الطبيب، حيث تنخفض فرصة الزيارة للمريض المترقّي بنسبة 20 في المائة.
قامت الدراسة على افتراض أن الترقية الوظيفية تؤدي إلى تحسن صحة الموظف لانعكاس الترقية على حالته النفسية ومعنوياته.. مما يزيد تقديره لنفسه “الواقع يقول إن كثيراً من الموظفين لا يحتاجون إلى زيادة شحنات ترفع من تقدير كل واحد لنفسه”، ورصد فريق الدراسة ألف حالة “مترقً” على مدى 15 عاماً، على ذمة الـ”بي بي سي”، ووصل إلى النتيجة أن “الترقية مضرة بالصحة”. من الظريف… اللافت أن تخرج نتائج هذه الدراسة في هذا التوقيت بالذات وسط الأزمة المالية العالمية وما أحدثته من استغناء الشركات عن موظفين فيها بالملايين، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم، والترقية الوظيفية جزء من المشكلة خاصة مع ما تعنيه من زيادة أعباء مالية على الشركات والجهات الموظفة، والحاجة الماسة للسيولة معروفة.
ولو صدرت هذه الدراسة في البلاد العربية لتوقعت أن تكون جهة من الجهات الموظفة، خصوصاً الحكومية التي لا تستحدث شواغر ولا يتوقع منها ذلك في المستقبل القريب وراء تبيينها والترويج لها… أقلها تخفيف حدة المطالبات بالترقيات وشكاوى الموظفين من طول مدة بقائهم من دون ترقيات. والقول بأن الهدف من الدراسة هو الحرص على صحة الموظفين النفسية والجسدية، لكنها –ولله الحمد- صدرت من انكلترا، ما يعني إمكانية الاستفادة منها عربياً، مع “تاج” غربي يعطي مصداقية للخبرة والدراسات قد لا يتوافر إذا كان الدارس عربياً. يستفاد من هذه الدراسة أن البطالة تحافظ على الصحة، لأن كل الوقت متاح للعاطل لزيارة الطبيب، ويمكن الاستفادة منها أيضاً للمجّمدين وظيفياً غير المترقين… خسارة الصحة لا تقارن أبداً بخسارة الترقية. إلا أن نتيجة الدراسة الإنكليزية أغفلت شيئاً مهماً ربما يقلب نتائجها رأساً على عقب، وهو أن الترقية الوظيفية تتيح إمكانات أكبر ونفوذاً أوسع مع مال وفير، ما يعني إسراع الطبيب بنفسه ومعه هدية معتبرة، لزيارة الموظف المترقي في مكتبه أو منزله… سيتم ذلك بمكالمة هاتفية واحدة، ولن يظهر في رصد الدراسة السابقة سوى أنه موظف “مترقً” مسكين لا يجد وقتاً لزيارة الطبيب من فرط حرصه على العمل.