مـن عنيـزة إلى جــازان

لازال في الدنيا خير كثير، تردد صدى ذلك في نفسي عندما قرأت خبر الشاب سليمان المطيري، الذي تبرع بكليته لمريضة لا تربطها به علاقة قرابة، لا من قريب ولا من بعيد، كأنه خبر جاء من زمن مضى وولى،زمن معطر بالبذل والعطاء الذي لا ينتظر مقابلاً، قصة تقرأها أو تسمعها ولا تكاد تصدق حدوثها في زمننا هذا، الزمن الذي كثر فيه “طق” الصدور من دون أثر يذكر في الداخل، والوعود التي لا تتحقق، لكنها الحقيقة التي كتبها في هذه الجريدة المحرر صالح الجهني من عنيزة يوم الجمعة الماضي،
وقصة “المطيري الذي تبرع بكليته” تستحق أن تروى على بساطتها وعفويتها، فهي ليست من قصص التبرع بالأعضاء العادية، فقد كان الشاب سليمان بن ماجد المطيري في زيارة لعمته المريضة بالفشل الكلوي، وفي نيته التبرع لها بكليته، لكن الأطباء قالوا إن حالتها لا تسمح، وفي غرفة عمته بمستشفى الملك سعود بعنيزة ترقد مريضة أخرى أم لطفلين توفيت شقيقتها بنفس المرض، الفشل الكلوي، وحالتها صعبة، تأثرت العمة لوضعها وحثت الشاب سليمان على التبرع للمريضة بكليته طلباً للأجر والثواب، فكان أن وافق، وصادف تطابق الشروط بينهما، وأجريت العملية منذ عام ونصف والمتبرع و المتبرع لها بصحة جيدة، الحمدلله، طب نفساً يا سليمان، فقد قمت بعمل عظيم سيجزيك الله تعالى عنه خيراً كثيراً، والمرحومة عمتك التي حثتك على مثل هذا العمل الكبير دالتك على الخير ستجده أمامها.
القاعدة العامة الآن تقول إنه لم يعد هناك شيء بلا مقابل ، العملة المتداولة هي المقايضة، هذا هو ما حطمه سليمان المطيري، عندما قرأت القصة ابتهجت وعرفت الفرق بين النفوس الصغار والكبار، ولا اريد أن اذكر بعض قصص النفوس الصغار حتى لا نشوه هذه البهجة.
من جازان لون آخر من البذل يبعث على الدهشة وقد لا يصدقه بعضكم، ونشر في هذه الجريدة أيضا قبل أكثر من شهر، وبطل القصة مواطن يعمل سائق ليموزين، هكذا قال الخبر، صادف أن أقل شاباً ووالدته في مشوار بجازان، واستمع إلى حوار بينهما أبدى فيه الشاب يأسه من إكمال زواجه من خطيبته بسبب عدم توفر منزل، ، والأم تطلب منه الصبر وعدم اتخاذ قرار متسرع، تدخل سائق الليموزين مخبراً الشاب أنه مستعد للتبرع بالمنزل، وبالفعل تم التبرع والزواج وكان سائق الليموزين على رأس المدعوين، الطريف كما قال الخبر أن سائق الليموزين المتبرع عندما أوصل الشاب ووالدته إلى مرادهما أصر على أخذ أجرة المشوار!، قلت الحق حق. الحمد لله لازال فينا خير كثير.

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الرياض. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.