«الكاميرا… شغالة»

كاميرات المراقبة لا تعمل وحدها. لا يختلف على هذا اثنان، لكن مما نرى حولنا يخلط البعض بين الكاميرا والشغالة، فإذا تم السؤال عن كاميرات المراقبة يقال «انها شغالة»، والشغالة هي الخادمة او العاملة المنزلية في اللهجة الدارجة، ورغم انها لا تعمل الا بتوجيه، إلا أن هناك قناعة بأنها «تدبر عمرها».
تم العثور على المولود المخطوف من مستشفى حكومي في المدينة المنورة، وربما تتحول قضية خطف المولود إلى «حفلة عودة المولود»، مع بالونات وهدايا وحلويات، وفي وقت الفرح لا احد يريد التنكيد، العثور تم بالصدفة، من دون خطط متكاملة أو تتبع بصمات، آخر الأخبار ذكرت أن عمال نظافة في حديقة عثروا على المولود بصحة جيدة، وروى بعضهم ان سيارة فيها رجل وامرأتان وضعوا المولود على الرصيف وذهبوا، يظهر انهم يقرأون الصحف!
الاستنتاج انه إذا اشتاق احد الى ملاعبة مولود يمكنه المرور بأقرب مستشفى ولادة ويأخذ له واحداً «حسب الطلب» لأيام عدة ثم يرميه في اقرب مكان، «دراما مواليد». لكن المخفي هو من وراء هذه الجرائم وماذا يفعلون بالمواليد؟ هل هناك تجارة اعضاء بشرية ام تربية متسولين للمستقبل؟ ام بيع اطفال لمن يرغب؟ اسئلة كثيرة لا تنتهي ولا من مجيب من وزارة الصحة الموقرة ولا غيرها.
خطف مولود او الخطأ في نسبه لغير والده، نموذج لحالة التسيب التي تعيشها الخدمات الصحية، لقد تطور الامر – الى مرحلة اكثر وجعاً – من تردي الخدمة وطول مدة الانتظار والأخطاء الطبية الى ظاهرة الخطف، هل هناك مبالغة في وصفها بالظاهرة؟ حسناً أذكّر القارئ الكريم هنا بالقضية الاخرى، كانت اكثر من صحيفة ورقية وإلكترونية نشرت عن حادثة خطف طفلة من قسم طوارئ بمستشفى، كتبت عنها في مقال «حالة الاحساس»، وضعها والدها على سرير الطوارئ وعاد الى سيارته ليحضر طفلته الاخرى فلم يجد الاولى. كانت غرفة كاميرات المراقبة مقفلة واضطروا لكسرها «الكاميرا شغالة!» ولتأخر الإجراءات «ابلاغ رجال الامن» حسم خمسة ايام من مدير المستشفى، وجدت الطفلة لاحقاً في حالة يرثى لها ولم تكشف الأخبار عما أصابها.
كل هذه القضايا ناقصة، فلا احد يهتم بتنوير الرأي العام والاجابة عن أسئلة مهمة مثل لماذا ومن؟ لماذا تحصل هذه الجرائم، ومن يقوم بها ومن المستفيد؟ تبقى هذه الأسئلة معلقة، فلا الأمن يتحدث، ولا الصحة تنبس ببنت – أو ولد – شفة. الخلاصة اننا في ما يبدو مقبلون عن رواج «بزنس» الحراسات الشخصية، والذي لا يستطيع ان يوفر له مثل هذه الخدمة عليه أن يفتح عيناً ويغمض الأخرى والكاميرا شغالة… وربما يقال له: «أنت غمضت الثانية مالنا شغل»!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على «الكاميرا… شغالة»

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    ( من المستفيد) ..
    هذا اس الموضوع .. وزي الهدف اللي يجي مع اذان المغرب…( فيه مستفيد)
    من هذه الاوضاع ..عم ويكليكس يقول لنا بعد عشرة سنين .. اذا كان لنا عمر
    لكن اللي احنا متأكدين منه يابو احمد ان كانت كاميرات شغالة والا عطلانة عين
    الله ماتنام .. والله مهزلة وام المهازل .. قال ننظم كأس العالم .. والله بهذا الوضع
    مانقدر ننظم كأس السوبيا والله المستعان بس شكر حبيبنا .

  2. عبدالرحمن كتب:

    هل يذهب المواطن إلى الجحيم؟؟؟
    معذرة، ولكن هذا مايقوله لسان حال المسوؤلين حيث أصبح المواطن سلعة بخيسة الثمن وفقد الأمل في الحصول على أبسط حقوقه الإنسانية، حمايته من المافيا البشرية التي تعبث في الأرض فساداً. للمرة المليون: هل يمكن أن تحدث مثل هذا السرقة البشرية لو وجد نظام لمحاسبة المقصر ومعاقبته بأشد العقوبات التي يفرضها القانون. عذراً، ولكن حفظ حقوق المواطن هو في نهاية اليوم ترف لاداعي له، وليذهب المواطن المسكين إلى الجحيم!!!!

التعليقات مغلقة.