خدمة «تعال»

أكثر الخدمات انتشاراً في بلادنا هي خدمة «تعال»، قبل وبعد المواقع الإلكترونية «الخدمية»، صعوبة الوصول إلى المعلومة في الأخيرة يدفع إلى الخروج وركوب السيارة بعد محاولات غير ناجحة للاستعانة بصديق، أما إذا كنت تطالب بحق فإن خدمة «تعال» تصبح الخيار الوحيد، مثلاً يصطادك ساهر أو رجل المرور في أي مكان بمخالفة وللاعتراض… «تعال»، يأخذ إثباتك واحد من أي جهة كانت ويقول «تعال»، وعلى ذكر – أي جهة كانت – ألا يلاحظ كثرة قضايا انتحال الشخصيات الأمنية وغيرها، ما السبب؟ السبب أن موظفي هذه الجهات لم يستوعبوا بعد أهمية التعريف بأنفسهم وإبراز بطاقاتهم قبل الشروع في «تواصلهم» مع الناس… أعلم أن تواصلهم «تخب شوي».
«تعال» تأتي مقابل «رح»، أي اذهب وجهان لعملة واحدة، من أطرف ما قرأت منع خادمة من السفر لأن «عليها» مخالفة مرورية، والعاملات لا يقدن السيارات ولا أظن أن عاقلاً يكتب سيارة باسم عاملته، السيارة ببركة الوكلاء صارت «عديلة» الروح، يذكر الخبر أن الجميع اندهشوا لكنها سطوة «السستم» الذي إذا قال قولته ينصت له الجميع قسراً وإذا نام، نام معه الجميع – صديقي يصر على أن يسمي «السستم»… «البستم» – والأول هو تنفيذ الإجراء من خلال الكومبيوتر، أما الثاني فنوع من الغسيل، وكلاهما يحتاج إلى سيارة.
حتى عند مفاجأة فاتورة هاتف أو كهرباء لك بارتفاعها عمّا تعودت استهلاكه فلا بد من «تعال»، يستطيعون إقفال الخدمة عنك مثل إقفال الخط في وجهك، الحل الوحيد سدد ثم «تعال». حتى لو حطم زجاج سيارتك «وسويت حالك كولمبو» أو شرلوك هولمز، ولم تمسها لأجل» عدم العبث بمسرح الجريمة» سيقال لك «تعال»، براحتك… أنت مخير بين أن تقودها أو أن تحملها على «سطحة»، ولو كانت المنازل تنقل كما يحصل في بعض الدول لحملت منزلك إذا سرق… والأمر متروك لك – ديموقراطية – فهناك خيار آخر وخدمة إضافية سيتم دفعك للجوء إليها لاحقاً، تجدها في قسم «انظر حولك»، ودائماً ما يرغب أو يحث «يصر المصحح على يحض» الإنسان على النظر لمن هو أقل منه، وفي كتيب إرشادات القسم على خريطة الموقع «كما في مواقع الإنترنت» ستجد إرشاداً متكرراً «من شاف مصيبة غيره هانت عليه مصيبته»، وهو النسخة المخبأة لخدمة «ابلع العافية»، المتفرعة من شجرة «تعال». تشتاق لنا الأجهزة الحكومية والشركات فتجبرنا على أن نأتي مع أن الدنيا زحمة ولا تتوافر مواقف ورائحة الليموزين غير مستحبة، لكن لو لم تكن لك حاجة لما عرفت التطورات التي تحصل في المباني الأسمنتية، لا تستغرب إذا استجبت إلى «تعال» من احتمال مطالبتك بكتابة تعهد مضمونُه «لا عاد نشوفك»، التعهد في بلادنا من الحقوق الفردية مثله مثل تاريخ الميلاد كلنا واحد… كلنا سبعة!

هذه المقالة كُتبت في التصنيف الحياة. أضف الرابط الدائم إلى المفضلة.

تعليقان على خدمة «تعال»

  1. طارق حسني محمد حسين كتب:

    استاذي الغالي ابو احمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
    لا وماكفانا قولة تعال من هذا وذاك ويكملها المرحوم عبدالحليم حافظ
    اغنية يردد فيها تعال ستمائة مرة .. لكن متى يابو احمد يجينا مسؤول
    ويقول لنا تعال خذ راتب هدية .. تعال خذ لك كرتون طماطم هدية
    .. تعال خذ لك سيارة وحرمة وشقة بس انوي خير .. تعال بعد خمسة دقائق
    معاملتك تخلص .. تعال اتغدى عندي .. تعال ازوجك بنتي .. تعال
    ولع النور الكهرباء رخيصة ..ودخيلك يابو احمد لاتغيب تعال يوم السبت بدري
    واجازتكم سعيدة وشكرا

  2. riyad كتب:

    سؤال :
    يقربون لـعائلة راجعنا بكره ؟؟؟

التعليقات مغلقة.